369

المعتمد في أصول الفقه

الناشر

دار الكتب العلمية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٣

مكان النشر

بيروت

وَصورته لِأَن صُورَة الصَّلَاة إِلَى بَيت الْمُقَدّس لَا تصح إِزَالَتهَا بالأدلة الشَّرْعِيَّة وَإِنَّمَا الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة دلّت على زَوَال وُجُوبهَا وَلَيْسَ من شَرط الصِّحَّة أَن يكون الْمَنْسُوخ شَائِعا فِي جملَة الْمُكَلّفين بل يَصح أَن يكون الحكم الْمَنْسُوخ لم يتَوَجَّه جنسه إِلَّا إِلَى مُكَلّف وَاحِد
وَأما حسن النّسخ فَهُوَ أَن لَا يكون إِزَالَة لنَفس مَا تنَاوله التَّعَبُّد على الْحَد الَّذِي تنَاوله بل لَا بُد من أَن يزِيل التَّعَبُّد مثله فِي وَقت آخر أَو على وَجه آخر وَلذَلِك لم يحسن نسخ الشَّيْء قبل وقته وَلَا نسخ مَا لَا يجوز أَن يتَغَيَّر وَجهه نَحْو نسخ وجوب الْمعرفَة بِاللَّه ﷿ لِأَن كَون ذَلِك لطفا لَا يتَغَيَّر وَلَا نسخ قبح الْجَهْل لِأَن قبحه لَا يتَغَيَّر وَيحسن نسخ قبح بعض الآلام أَو حسن بعض الْمَنَافِع لِأَنَّهُ يجوز مَعَ كَون الْأَلَم ألما أَن يحسن وَمَعَ كَون النَّفْع نفعا أَن يقبح وَمن شَرَائِطه أَن يكون مَا تنَاوله النَّاسِخ متميزا للمكلف من الْمَنْسُوخ وَأَن يكون مَقْدُورًا
فَأَما نسخ الحكم إِلَى بدل هُوَ أخف مِنْهُ أَو مسَاوٍ لَهُ أَو نسخه إِذا لم يُقيد الْأَمر بِهِ بالتأبيد فَلَيْسَ بِشَرْط فِي وُقُوع الِاسْم وَلَا فِي الصِّحَّة وَلَا فِي الْحسن ﷺ َ - بَاب فِي الدّلَالَة على حسن نسخ الشَّرَائِع ﷺ َ -
اتّفق الْمُسلمُونَ على حسن نسخ الشَّرَائِع إِلَّا حِكَايَة شَاذَّة عَن بعض الْمُسلمين أَنه لَا يحسن ذَلِك وَالْيَهُود على فرق ثَلَاث ففرقة منعت من ذَلِك عقلا وَفرْقَة منعت مِنْهُ سمعا وإجازته عقلا وَفرْقَة أجازته عقلا وسمعا
وَالدَّلِيل على حسنه من جِهَة الْعقل أَن مثل مَا تعبد الله سُبْحَانَهُ بِهِ يجوز أَن يقبح فِي الْمُسْتَقْبل فاذا قبح حسن النَّهْي عَنهُ إِذْ النَّهْي عَن الْقَبِيح حسن وَإِنَّمَا قُلْنَا يجوز أَن يكون مثل مَا تعبدنا الله ﷿ بِهِ قبيحا فِي الْمُسْتَقْبل لِأَنَّهُ

1 / 370