المعتمد في أصول الفقه
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٣
مكان النشر
بيروت
تصانيف
أصول الفقه
لنا فَأَما الِاسْتِثْنَاء الْمَجْهُول فَقَوْل الله سُبْحَانَهُ ﴿أحلّت لكم بَهِيمَة الْأَنْعَام إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُم﴾ لما كَانَ الِاسْتِثْنَاء مَجْهُولا كَانَ الْمُسْتَثْنى مِنْهُ كَذَلِك فاحتجنا فِيهِ إِلَى بَيَان وَأما مَا كَانَ تَخْصِيصه مُنْفَصِلا فنحو أَن يَقُول النَّبِي ﷺ إِن قَول الله سُبْحَانَهُ ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْركين﴾ مَخْصُوص لَيْسَ المُرَاد بِهِ بعض الْمُشْركين وَلَا نعلم مَا المُرَاد بِهِ لِأَنَّهُ لَا مُشْرك إِلَّا وَقد تنَاوله قَوْله اقْتُلُوا الْمُشْركين وتناوله قَول النَّبِي ﷺ لَيْسَ المُرَاد بِالْآيَةِ بعض الْمُشْركين فَلَيْسَ بِأَن يدْخل تَحت أَحدهمَا بِأولى من أَن يدْخل تَحت الآخر فافتقرنا فِيهِ إِلَى بَيَان
وَأما الْخطاب الْمُسْتَعْمل فِي غير مَا وضع لَهُ أصلا فضربان أَحدهمَا أَن يكون الشَّرْع قد ورد بِاسْتِعْمَالِهِ فِي ذَلِك الشَّيْء وَالْآخر لم يرد الشَّرْع بذلك أما الأول فالأسماء الشَّرْعِيَّة كَقَوْلِنَا صَلَاة فَمَتَى أمرنَا بِالصَّلَاةِ وَنحن لَا نعلم بِالشَّرْعِ انْتِقَال هَذَا الِاسْم إِلَى هَذِه الْأَفْعَال احتجنا فِيهِ إِلَى بَيَان وَأما الثَّانِي فالأسماء المستعملة فِي مجازها وبيانها غير ظَاهر نَحْو كثير من الْآيَات الَّتِي ظَاهرهَا التَّشْبِيه والجبر وَصِيغَة الْأَمر المستعملة فِي التهديد إِلَى غير ذَلِك
وَقد ذكر قَاضِي الْقُضَاة فِي الْعمد وَالشَّرْح قسْمَة غير هَذِه الْقِسْمَة وَقد ذَكرنَاهَا فِي شرحنا لكتاب الْعمد
وَقد دخل فِي هَذِه الْجُمْلَة أَنه لَا يجوز أَن يُرَاد بِالِاسْمِ الْمُشْتَرك كلا معنييه وَأَنه مُجمل يحْتَاج إِلَى بَيَان فَيجب ذكر ذَلِك إِذْ كَانَ من يَقُول إِنَّه يجوز أَن ينْفَرد فيراد بِهِ كلا الْمَعْنيين قد أخرجه عَن الْمُجْمل وَدخل فِيهَا أَن فحوى القَوْل قِيَاس وَالْكَلَام فِي ذَلِك يَأْتِي فِي بَاب الْقيَاس إِن شَاءَ الله
1 / 299