المعتمد في أصول الفقه
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٣
مكان النشر
بيروت
تصانيف
أصول الفقه
الْبَعْض الآخر أَو يدله بِدلَالَة أُخْرَى مُبتَدأَة على بَيَان الْبَعْض الآخر لِأَنَّهُ قد يكون من الْمصلحَة أَن يعلم بعض الْأَشْيَاء بِالصَّرِيحِ فِي الْحَال وَفِي بَعْضهَا أَن يُعلمهُ بالتنبيه أَو بِالْإِشَارَةِ إِلَى دَلِيل آخر وَأما الْحَالة الَّتِي لَا يجوز أَن يُجيب المسؤول فِيهَا عَن الْبَعْض فَهُوَ أَن لَا يكون السَّائِل من أهل الِاجْتِهَاد أَو يكون من أَهله غير أَن الْحَاجة قد حضرت حضورا لَا يتَمَكَّن من الإجتهاد لِأَنَّهُ لَو اقْتصر على الْجَواب عَن بعض السُّؤَال وَالْحَال هَذِه لَكَانَ قد أخل بِمَا يجب بَيَانه
وَأما إِن كَانَ الْخطاب أَعم من السُّؤَال فَهُوَ ضَرْبَان أَحدهمَا أَن يكون أَعم مِنْهُ فِي ذَلِك الحكم وَالْآخر أَن يكون أَعم مِنْهُ فِي حكم آخر مِثَال الأول أَن يسْأَل النَّبِي ﷺ عَن رجل اشْترى عبدا فَيَقُول النَّبِي ﷺ الْخراج بِالضَّمَانِ فَيكون ذَلِك عَاما فِي كل عبد هَذِه سَبيله وَمِثَال الثَّانِي سُؤال النَّبِي ﷺ عَن التوضىء بِمَاء الْبَحْر وَجَوَابه بقوله هُوَ الطّهُور مَاؤُهُ الْحل ميتَته
وَالْجَوَاب المستقل بِنَفسِهِ لَا يجب قصره على سَببه إِلَّا لوجه يَقْتَضِي ذَلِك وَأحد الْوُجُوه الْعَادَات نَحْو أَن يَقُول الرجل لغيره تغد عِنْدِي فَيَقُول وَالله لَا تغديت وَذكر الشَّيْخ أَبُو عبد الله أَن الْعَادة تَقْتَضِي قصره على الْغَدَاء عِنْده وَإِن كَانَ الْكَلَام فِي نَفسه عَاما ومستقلا
وَأما الدّلَالَة على قصر الْخطاب الَّذِي لَا يسْتَقلّ بِنَفسِهِ على سَببه فَهِيَ أَن النَّبِي ﷺ لَو سُئِلَ أَيجوزُ بيع الرطب بِالتَّمْرِ فَقَالَ لَا لَكَانَ قَوْله لَا نفي لأمر مَذْكُور وَلم يجز فِي كَلَام النَّبِي ﷺ وَكَلَام السَّائِل إِلَّا جَوَاز بيع الرطب بِالتَّمْرِ فَيجب كَونه نفيا لَهُ إِن قيل هلا كَانَ قَوْله فِي الْخَبَر الْمَشْهُور فَلَا إِذا مَعْنَاهُ فَلَا يجوز بيع مَا ينقص إِذا جف بِمَا قد جف قيل إِن أردْت أَن ذَلِك مَعْقُول من جِهَة الْقيَاس فَلَا نأبى ذَلِك وَإِن أردْت أَن قَول النَّبِي ﷺ فَلَا إِذا نفي لَهُ فَلَا يَصح لِأَن السَّائِل لم يذكر بيع مَا ينقص إِذا
1 / 281