217

المعتمد في أصول الفقه

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٣

مكان النشر

بيروت

وَمِنْهَا أَن يقْتَرن بِكَلَام الْمُتَكَلّم من الأمارات مَا يَقْتَضِي تَخْصِيص كَلَامه نَحْو أَن يَقُول الْقَائِل ضربت كل من فِي الدَّار وَيكون فِيهَا من يعظمه كأخيه فيغلب على الظَّن أَنه لم يضْربهُ وَيكون كَلَامه أَمارَة تدل على ضربه فتتعارض الأمارتان فيستفهمه ليَقَع الْجَواب عَنهُ بِلَفْظ خَاص لَا يحْتَمل التَّخْصِيص
فلهذه الْوُجُوه وَمَا اشبهها يحسن الِاسْتِفْهَام لِأَن فِيهَا عدُول عَن الفاظ يقل احتمالها وَمَتى انْتَفَت وَمَا أشبههَا لم يحسن الِاسْتِفْهَام فاما قَول الْقَائِل رَأَيْت نَخْلَة فانه لَا يكَاد يسْتَعْمل إِلَّا فِي النَّخْلَة فَلذَلِك لم يستفهم عَن ذَلِك إِلَّا على طَرِيق الاستثبات لإِزَالَة السَّهْو وَمَتى اسْتعْمل ذَلِك فِي رُؤْيَة الرجل الطَّوِيل حسن الِاسْتِفْهَام
فَأَما خطاب الله سُبْحَانَهُ وَأَنه لَا يحسن وُرُود الِاسْتِفْهَام عَلَيْهِ إِلَّا أَن يَأْذَن تَعَالَى فِي ذَلِك ليرد مِنْهُ ﷿ خطاب يكون أقل احْتِمَالا فَيكون الْعَمَل بمراده أجلى
ثمَّ يعارضون بِدُخُول الِاسْتِفْهَام على أَلْفَاظ الْخُصُوص ثمَّ يلزمون من العتب مثل مَا ألزمونا فَنَقُول لَهُم أَلَيْسَ إِذا قَالَ الْقَائِل ضربت كل من فِي الدَّار كَانَ ذَلِك مُشْتَركا بَين الِاسْتِغْرَاق وَبَين مَا دونه وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ أَجْمَعِينَ فالمستفهم إِذا قَالَ أضربنهم أَجْمَعِينَ فقد طلب أَن يفهمهُ مَا لم يفهمهُ بِمَا هُوَ كَالْأولِ فِي أَن الْفَهم لَا يَقع بِهِ فان قَالُوا إِنَّمَا يستفهم طَمَعا فِي حُصُول الْعلم الضَّرُورِيّ أَو فِي قُوَّة الظَّن أجبناهم بِمثلِهِ
شُبْهَة
قَالُوا لَو كَانَ لفظ الْعُمُوم مُسْتَغْرقا وَكَذَلِكَ تأكيده لَكَانَ تاكيده عَبَثا لِأَنَّهُ يُفِيد مَا أَفَادَ الْمُؤَكّد وَالْجَوَاب يُقَال لَهُم وَلم إِذا أَفَادَ مَا يفِيدهُ الْمُؤَكّد من الِاسْتِغْرَاق كَانَ عَبَثا وَمَا أنكرتم من حُصُول فَوَائِد فِي التَّأْكِيد لَا تحصل مَعَ فَقده ثمَّ يُقَال لَهُم وَلَو أَفَادَ كل وَاحِد مِنْهُمَا من الِاشْتِرَاك مَا يفِيدهُ الآخر لَكَانَ ذكر التاكيد عقيب الْمُؤَكّد عَبَثا لَا فَائِدَة فِيهِ

1 / 218