135

المعتمد في أصول الفقه

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٣

مكان النشر

بيروت

الأول فصح أَن مُطلق الْأَمر من حَيْثُ اجْتمع فِيهِ مَا يدل على مَا ذَكرْنَاهُ يجْرِي مجْرى قَول الْقَائِل افْعَل فِي الأول فان عصيت فافعل فِي الثَّانِي فان قَالُوا الْأَمر وَإِن لم يخْتَص بِوَقْت معِين فان الْوُجُوب الْمُسْتَفَاد من الْأَمر لما دلّ على الْفَوْر جعل الْأَمر مُخْتَصًّا بِالْوَقْتِ الأول قيل لَهُم إِنَّمَا جعله مُخْتَصًّا بِالْأولِ مَا لم تقع الْمعْصِيَة فاذا وَقع بَقِي مُطلق الْأَمر فان قَالُوا قد ثَبت أَن مُطلق الْأَمر يَقْتَضِي وجوب الْفِعْل فِي الثَّانِي فَجرى مجْرى أَن يكون الْأَمر مُقَيّدا بِالثَّانِي قيل الْفرق بَينهمَا أَنه إِذا كَانَ مُقَيّدا بِالثَّانِي لم يكن غير مُخْتَصّ بالأوقات بل يكون مُخْتَصًّا بِالْوَقْتِ الثَّانِي فَلَا يتنزل منزلَة قَول الْقَائِل افْعَل فِي الثَّانِي فان عصيت فافعل فِي الثَّالِث لِأَنَّهُ يتَنَاوَل فعلا وَاحِدًا وَلَيْسَ كَذَلِك إِذا كَانَ الْأَمر مُطلقًا وَاحْتج أَبُو عبد الله فَقَالَ قد ثَبت أَن مُطلق الْأَمر يُفِيد إِيقَاع الْفِعْل فِي الثَّانِي فَلم يتَنَاوَل إِيقَاعه فِي الثَّالِث لِأَنَّهُ يتَنَاوَل فعلا وَاحِدًا وَالْفِعْل الْمُخْتَص بِالثَّانِي غير الْمُخْتَص بالثالث لِأَن أَفعَال الْعباد لَا يجوز عَلَيْهَا التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير وَالْجَوَاب أَنه إِن ثَبت أَن أَفعَال الْعباد هَذِه سَبِيلهَا فان الْأَمر لم يتَنَاوَل تِلْكَ الْأَعْيَان وَإِنَّمَا يتَنَاوَل مَا لَهُ صُورَة يميزها الْمُكَلف فاذا أمرنَا الله سُبْحَانَهُ بِالْحَجِّ فانما أمرنَا بِأَفْعَال لَهَا صفة مَخْصُوصَة سَوَاء كَانَت وَاقعَة فِي هَذَا الْوَقْت أَو فِي هَذَا الْوَقْت واذا كَانَ كَذَلِك وَكَانَ الْأَمر لَا يتخصص بالأوقات علمنَا أَنه يتَنَاوَل مَا اخْتصَّ بِتِلْكَ الصُّورَة من الْأَفْعَال المختصة بِتِلْكَ الْأَوْقَات فاذا بَان أَن الْوُجُوب يُفِيد التَّعْجِيل بَان أَنه قد اخْتصَّ بِالْأَمر مَا يَقْتَضِي التَّعْجِيل وَمَا يَقْتَضِي التَّأْخِير وَلَا يُمكن الْجمع بَينهمَا إِلَّا على شَرط الْمعْصِيَة ﷺ َ - بَاب فِي الْآمِر هَل يدْخل تَحت الْأَمر ام لَا ﷺ َ - اعْلَم أَن هَذَا الْبَاب يتَضَمَّن مسَائِل مِنْهَا أَن يُقَال هَل يُمكن أَن يامر الْإِنْسَان نَفسه فِي الْمَعْنى أم لَا وَلَيْسَ فِي

1 / 136