المعتمد في أصول الفقه

أبو الحسين البصري ت. 436 هجري
126

المعتمد في أصول الفقه

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٣

مكان النشر

بيروت

أما الْكَلَام على من خص الْوُجُوب بأوله فَهُوَ أَن يُقَال لَهُ أتزعم أَن تَأْخِير الصَّلَاة عَن أول الْوَقْت لَا يجوز كَمَا لَا يجوز تَأْخِيرهَا عَن آخِره وَيسْتَحق الذَّم على أَحدهمَا كَمَا يسْتَحق على الآخر فان قَالَ نعم دفع قَوْله الْإِجْمَاع وَإِن قَالَ لَا قيل لَهُ فقد نقضت قَوْلك باختصاص الْوُجُوب بِأول الْوَقْت وَيُقَال لَهُ لماذا ضرب الْوَقْت فان قَالَ ليَكُون مَا يفعل بعد أول الْوَقْت قَضَاء قيل لَهُ الْأمة مجمعة على أَنه لَيْسَ بِقَضَاء وَلَا يجوز أَن تُؤدِّي الصَّلَاة بعد أول الْوَقْت بنية الْقَضَاء وَأَيْضًا فَلَا فَائِدَة لضرب الْوَقْت فِي ذَلِك لِأَن مَا يفعل بعده يكو قَضَاء أَيْضا وايضا فالوجوب مُسْتَفَاد من الْأَمر وَهُوَ مُتَعَلق بِأول الْوَقْت وَآخره ووسطه فَيجب أَن يُفِيد الْوُجُوب فِي الْكل ويتضيق بِآخِرهِ لِأَنَّهُ جعل غَايَة وَقت الْوُجُوب فَأَما من خص الْوُجُوب بِآخِرهِ فانا نفرض عَلَيْهِ مَا يعنيه بقولنَا إِن الْوُجُوب شَائِع فِي جَمِيع الْوَقْت فان أقرّ بِهِ وَإِلَّا دللنا عَلَيْهِ فَنَقُول إِنَّا نعني بذلك أَن الصَّلَاة فِي أول الْوَقْت كهي فِي وَسطه وَآخره فِي حُصُول الْمصلحَة بهَا الْمُقْتَضِيَة للْوُجُوب وَفِي سُقُوط الْفَرْض فان أجَاب إِلَى ذَلِك فقد وَافق فِي الْمَعْنى وَإِن منع عَن ذَلِك قيل لَهُ إِن لم تكن الصَّلَاة قَائِمَة مقَام فعلهَا فِي آخِره فِي حُصُول الْمصلحَة وَجب أحد أَمريْن إِمَّا أَن تكون الْمصلحَة بَاقِيَة فَيلْزم فعل الصَّلَاة فِي آخر الْوَقْت مَعَ أَنَّهَا مفعولة فِي أَوله وَإِمَّا أَن تكون الْمصلحَة قد فَاتَت فان كَانَت قد فَاتَت فقد صَارَت الصَّلَاة فِي اول الْوَقْت مفْسدَة وَفِي ذَلِك قبحها وَالْإِجْمَاع يمْنَع من قبحها وَيَقْتَضِي الْإِجْمَاع ايضا أَن فعل بعض الصَّلَوَات فِي أول وَقتهَا افضل يبين كَونهَا مفْسدَة أَنه إِذا كَانَ الْمُكَلف لَو صلى فِي آخر الْوَقْت حصلت لَهُ الْمصلحَة واللطف وَإِذا صلى فِي أَوله وَلم تحصل لَهُ تِلْكَ الْمصلحَة وَخرجت الصَّلَاة فِي آخر الْوَقْت من أَن تكون مصلحَة وحصلت الْمعْصِيَة الَّتِي كَانَت الصَّلَاة فِي آخر الْوَقْت لطفا فِي الْإِخْلَال بهَا فقد حصلت الصَّلَاة فِي أول الْوَقْت دَاعِيَة إِلَى هَذِه الْمعْصِيَة ومفوتا لما يَدْعُو إِلَى الطَّاعَة فان قيل أَلَيْسَ تَقْدِيم الزَّكَاة على الْحول يسْقط الْفَرْض وَلَيْسَ بمفسدة قيل إِنَّمَا

1 / 127