المعتمد في أصول الفقه
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٣
مكان النشر
بيروت
تصانيف
أصول الفقه
يخْتَص الْأَمر بِرَجُل دون رجل وَلَا بدرهم دون دِرْهَم وَكَذَلِكَ يجب أَن لَا يلْزم إِيقَاعه فِي وَقت معِين لِأَنَّهُ لَا يخْتَص بِوَقْت دون وَقت وَأَيْضًا فَإِن قَول الْقَائِل لغيره افْعَل هُوَ طلب للْفِعْل فِي الْمُسْتَقْبل كَمَا ان قَوْله زيد سيفعل إِخْبَار عَن إِيقَاع الْفِعْل فِي الْمُسْتَقْبل فَكَمَا لَا يمْتَنع هَذَا الْخَبَر من وجود الدُّخُول بعد مُدَّة من الْخَبَر فَكَذَلِك الْأَمر
وَأما الدّلَالَة على أَنه لَا يَقْتَضِيهِ بفائدة فَهِيَ أَنه لَا يُمكن أَن يُقَال إِنَّه يَقْتَضِيهِ بفائدته إِلَّا أَن يُقَال إِن الْأَمر يُفِيد الْوُجُوب وَلَا يتم الْوُجُوب مَعَ جَوَاز التَّأْخِير وَهَذَا لَا يَصح لِأَن الْفِعْل قد يجب وَإِن كَانَ الْمُكَلف مُخَيّرا بَين إِيقَاعه فِي أول الْأَوْقَات وَفِيمَا بعده مَا لم يغلب على ظَنّه فَوَاته إِن لم يَفْعَله فَمَتَى غلب على ظَنّه ذَلِك لم يجز لَهُ الْإِخْلَال وَبِذَلِك يُفَارق النَّوَافِل
دَلِيل آخر السَّيِّد أذا أَمر عَبده بِشَيْء وَلم يعلم حَاجته إِلَيْهِ فِي الْحَال وَلم يعلم إِلَّا الْأَمر فَقَط فانه لَا يفهم مِنْهُ التَّعْجِيل وَهَذِه الْحجَّة لَا يُسَلِّمهَا الْخصم لِأَنَّهُ يَقُول مَتى لم يعلم العَبْد من قصد السَّيِّد أَنه يبيحه التَّأْخِير فانه يعقل من الْأَمر التَّعْجِيل وَيسْتَحق العَبْد الذَّم إِذا لم يعجل الْمَأْمُور بِهِ
وَاسْتدلَّ الْقَائِلُونَ بالفور بأَشْيَاء مِنْهَا مَا يدل على اقْتِضَاء لفظ الْأَمر لذَلِك وَمِنْهَا مَا يدل على أَن الْوُجُوب الْمُسْتَفَاد من لفظ الْأَمر يَقْتَضِي ذَلِك وَمِنْهَا أَدِلَّة سمعية
أما مَا يدل على أَن لفظ الْأَمر يَقْتَضِي ذَلِك فَوَجْهَانِ
أَحدهمَا أَن السَّيِّد إِذا أَمر عَبده أَن يسْقِيه المَاء فهم مِنْهُ تَعْجِيل سقيه المَاء وَاسْتحْسن الْعُقَلَاء ذمه على تَأْخِير ذَلِك من غير عذر فَعلمنَا أَن الْأَمر يُفِيد ذَلِك والمخالف يَقُول إِنَّمَا عقل بِقَرِينَة وَهُوَ علم العَبْد بِأَن السَّيِّد لَا يَسْتَدْعِي مَاء ليشْرب إِلَّا وَهُوَ مُحْتَاج إِلَيْهِ فِي الْحَال هَذَا هُوَ الْأَغْلَب وَلَو لم يعلم إِلَّا نفس الْأَمر لم يفهم ذَلِك كَمَا أَن أَصْحَاب التَّرَاخِي إِذا رجعُوا إِلَى الشَّاهِد فِي أَن
1 / 112