المعتمد في أصول الفقه
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٣
مكان النشر
بيروت
تصانيف
أصول الفقه
التّكْرَار وَأَن النَّهْي يفِيدهُ وللمخالف أَن يَقُول إِنِّي أصف الْمَأْمُور بالائتمار كلما كرر الْفِعْل كَمَا قلتموه فِي النَّهْي
وَفرق بَينهمَا بِأَن النَّبِي ﷺ قَالَ إِذا نَهَيْتُكُمْ عَن شَيْء فَانْتَهوا وَإِذا أَمرتكُم بِشَيْء فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم قَالُوا وَذَلِكَ يدل على أَن الْأَمر لَيْسَ على التّكْرَار وَالْجَوَاب أَن هَذَا يدل على ان الْأَمر خلاف النَّهْي فِي شَرط الِاسْتِطَاعَة وَلَيْسَ بِدَلِيل على ان ظَاهر أَحدهمَا التّكْرَار دون الآخر بل لَو قيل إِنَّه يدل على أَن ظاهرهما التّكْرَار وَأَن التّكْرَار يسْقط عَن الْمَأْمُور لفقد الِاسْتِطَاعَة وَلَا يسْقط عَن الْمنْهِي لَكَانَ أولى وَالصَّحِيح أَن النَّبِي ﷺ عني بالاستطاعة الْمَشَقَّة دون الْقُدْرَة لِأَن الْقُدْرَة شَرط فِي امْتِثَال الْأَمر وَالنَّهْي وَإِنَّمَا خص الْأَمر بِاشْتِرَاط هَذِه الِاسْتِطَاعَة لِأَن الْأَفْعَال يظْهر فِيهَا من الْمَشَقَّة مَا لَا يظْهر فِي كثير من التروك ﷺ َ - بَاب فِي أَن الْأَمر الْمُعَلق بِصفة أَو بِشَرْط هَل يَقْتَضِي تكْرَار الْمَأْمُور بِهِ بتكرار كل وَاحِد مِنْهُمَا أم لَا ﷺ َ -
أعلم أَنه يَنْبَغِي أَن نذْكر أَولا الشَّرْط وَالصّفة وأحكامهما ثمَّ نذْكر مَا فَائِدَة الْأَمر الْمُعَلق بهما فَنَقُول إِنَّا قد نصف الشَّيْء بِأَنَّهُ شَرط ونعني أَن عَلَيْهِ يقف تَأْثِير الْمُؤثر سَوَاء ورد بِلَفْظ الشَّرْط أَو لم يرد بِلَفْظ الشَّرْط وَذَلِكَ نَحْو الْإِحْصَان الَّذِي يقف عَلَيْهِ تَأْثِير الزِّنَا فِي وجوب الرَّجْم وَقد نعني أَنه وَارِد بِلَفْظ الشَّرْط سَوَاء كَانَ شرطا فِي الْحَقِيقَة أَو عِلّة مُؤثرَة فَالْأول نَحْو أَن يَقُول سُبْحَانَهُ ارجموا الزَّانِي إِن كَانَ مُحصنا وَالثَّانِي أَن يَقُول ارجموا زيدا إِن كَانَ زَانيا وَذكر قَاضِي الْقُضَاة أَن الشَّرْط هُوَ الْمَعْقُول الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ الْمَشْرُوط وَإِذا لم يكن يتَعَلَّق بِهِ الْمَشْرُوط وَهَذَا يلْزم عَلَيْهِ أَن تكون الْعلَّة شرطا وَأَيْضًا إِن من لَا يعرف الشَّرْط لَا يعرف الْمَشْرُوط
1 / 105