العرب يقولون: فلان ابن كذا وأبو كذا إذا كان من أهله، وملازمًا له. واللقاء: المحاربة. والرعان: جمع الرعن، وهو مقدمة الجيش. أخذ من رعن الخيل وهو أنفه.
يقول: أنا صاحب هذه الأشياء، فأنا ابن اللقاء في الحروب، وابن الضراب، والطعان، وابن السخاء، والجود، وابن الفيافي، أقطعها، والقوافي، أبدعها وأنسبها، وابن السروج، أركبها، وابن الرعان، أقودها إلى العدو أحاربهم بها.
طويل النجاد طويل العماد ... طويل القناة طويل السنان
النجاد: حمالة السيف. يريد به. أنه طويل القامة، والعرب تمتدح بطول القامة، والعماد: عماد البيت. وكذلك كناية عن السؤدد. والقناة: الرمح. وأراد بطولها حذقه بالطعن بها. وكذلك طول السنان كناية. كما قال غيره:
إذا قصرت أسيا فنا كان وصلها ... خطانا إلى القوم الذين نضارب
فأما طول القناة، فلا مدح فيه.
حديد الحفاظ حديد اللحاظ ... حديد الحسام حديد الجنان
اللحاظ: جمع اللحظ والحفاظ: المحافظة على الحزم. أو سرعة الغضب فيما يجب حفظه. والجنان: القلب. أي ذكي القلب. والحسام: السيف القاطع.
يصف نفسه بحدة هذه الأشياء منه بحيث لا يلحقه فيها خلل.
يسابق سيفي منايا العباد ... إليهم كأنهما في رهان
سيفي: فاعل يسابق. ومنايا العباد: أي موتهم.
يقول: إن سيفي يسابق منايا العباد، ويغالبها في سبوقها إليهم، كأنهما في رهان لمسابقتهما، فسيفي يطلب موتهم قبل وقت الموت، والموت يميتهم في وقته، فيتسابقان في ذلك.
يرى حده غامضات القلوب ... إذا كنت في هبوةٍ لا أراني
الهبوة: الغبرة.
يقول: إن سيفي يقطع كل موضع يقع عليه، حتى يخلص إلى القلب، فكأنه يرى غوامض القلوب، مع كونها محتجبة عن العيون، في وقت لا أرى نفسي من كثرة الغبار، ولم أغفل عن نفسي من شدة الحرب، وكثرة الغبرة، وقيل معناه: إذا كنت في هبوة الحرب، لا أدري نفسي، أي لا أبالي بها ولا أنظر إلى ما يحل بها. وقيل: معنى البيت، أن سيفي يعلم ما في القلوب من الغش والحسد، فلا يقع إلا على حاسد، أو عدوٍّ جاحد، في الحالة التي أغفل عن نفسي فأكون كمن لا معرفة له بها.
سأجعله حكمًا في النفوس ... ولو ناب عنه لساني كفاني
يقول: سأجعل سيفي حكمًا في نفوس الأعداء؛ ليسلبها ويأخذها، ولو ناب لساني عنه، كفاني، لأن حدته كحدة اليف.
وقال أيضًا في صباه في الحماسة والفخر:
قفا تريا ودقي فهاتا المخايل ... ولا تخشيا خلفًا لما أنا قائل
المخايل: جمع مخيلة: وهي البرق، ونحوه مما يستدل به على المطر، وهاتا: إشارة إلى المخايل.
وقفا: أمر من الوقوف، ويحتمل أن يراد به: إصرارًا وعيشًا يقول لصاحبيه: قفا وعيشا، تريا من أمري وفعلي شأنًا عظيمًا، فهذه مخايله قد ظهرت، ولا تخشيا خلفًا لما أقوله، لأني صادق في جميع ما أقوله، ولست كالبرق الذي يصدق تارة ويكذب أخرى. ومثله للبحتري:
هذا أوائل برقٍ خلفه مطرٌ ... وأول الغيث قطرٌ ثم ينسكب
رماني خساس الناس من صائب استه ... وآخر قطنٌ من يديه الجنادل
وروى: خشاس اناس. يعني ضعيفهم، يقع على الواحد والجمع، وصائب: من صاب السهم الهدف، وأصابه، بمعنىً فهو صائب ومصيب.
يقول: رماني خساس الناس ورذالهم، دون كرامهم. ثم جعلهم ثلاثة أقسام، وذكر قسمين في هذا البيت والقسم الثالث في البيت الذي يليه. القسم الأول هو من يرميني من صائب استه: يعني أنه لا ضعيف لا يجاوز رميه إياي استه، أو يريد به: أن ما يريد أن يعيرني به لا يلحقني، لأن الإجماع واقع على فضلي، فما يقوله يدل به على نفسه دوني، وذكر استه: استهانةً واستخفافًا به. وقيل: أراد من داءٍ به، أن يصيب السلاح استه. أي يلي دبره عند الانهزام لفراره وجبنه. والقسم الثاني: أن الجندل من يده إذا رماني به كالقطن؛ في ضعف تأثيره في وقلة مبالاتي به، ومعناه: أن منهم من لا يجاوز رميه، ومنهم من يكون الجندل من يده كالقطن وإن جاوز.
ومن جاهلٍ بي وهو يجهل جهله ... ويجهل علمي أنه بي جاهل
1 / 28