ولا ثوب مجدٍ غير ثوب ابن أحمدٍ ... على أحدٍ إلا بلؤمٍ مرقع
روى: غير. نصبًا على الاستثناء المقدم، وروى: مرفوعًا خبر لقوله لا ثوب مجد.
يقول: كما أن الذي لا يخضع للحب خارج عن حكم العشق كذلك ثوب المجد إذا لم يكن على هذا الممدوح لا يكن إلا مرقعًا.
وإن الذي حابى جديلة طيىءٍ ... به الله يعطي من يشاء ويمنع
جديلة طيىء: بطن من طيىء وحابى: بمعنى جبى.
يقول: وإن الذي أعطى هذه القبيلة، به الله يعطي من يشاء ويمنع، ذلك مبالغة في وصفه بسعة القدرة، ونفاذ الأمر، فيعطي من يشاء ويحرم من يشاء، وقيل: إن حابى هذه القبيلة بالعطاء وغالبهم به وهو الممدوح، به الله يعطي من يشاء ويمنع، إشارة إلى أنه كثير العطاء من حيث أن الله تعالى جعل له هذه السعة والقوة ما لا يحتمل الغيرة منهم، وقيل تقديره: إن الذي أعطى الله هذه القبيلة من شرف نسب هذا الممدوح منهم، يعطيه الله تعالى من يشاء من عباده فكذلك صنع الله تعالى به إذ وضعه حيث شاء فليس لأحد أن يطلع.
بذي كرمٍ ما مر يومٌ وشمسه ... على رأس أوفى منه تطلع
يقول على التقدير الأول: الله تعالى يعطي من يشاء ويمنع بذي كرم صفته ما في البيت. وعلى الثاني: حبى الله هذه القبيلة بذي كرم ما مر يومٌن وشمس ذلك اليوم طلعت على رأس أحد أوفى ذمةً منه وهي نصب على التمييز.
فأرحام شعر يتصلن لدنه ... وأرحام مالٍ ماتني تتقطع
وروى: يتصلن بجوده. وروى: لدنه الهاء في نه: للمدوح، وفي به: للكرم المذكور في البيت الذي قبله ماتني: أي ما تفتر.
يقول: إنه يجمع الشعر في مدحه بتفريق ماله، فعلائق الشعر به متصله وهي المعبر عنها بالأرحام، وعلائق المال منه منقطعة، ولا تزال على الانقطاع لتفريقه إياها في اكتساب الثناء والذكر.
فتىً ألف جزءٍ رأيه في زمانه ... أقل جزىءٍ بعضه الرأي أجمع
تقدير البيت: فتىً رأيه في زمانه ألف جزء، بعضه أقل جزء من رأيه، هو رأي الناس أجمع! وقسم رأي هذا الممدوح ألف جزء وجعل بعض أقل الجزء من ألف، مقابلًا لآراء جميع الناس! وكأنه أخذه من قول أبي بكر بن النطاح.
له هممٌ لا منتهى لكبارها ... وهمته الصغرى أجل من الدهر
إلا أنه قلب الهمم إلى الرأي.
غمامٌ علينا ممطرٌ ليس يقشع ... ولا البرق فيه خلبًا حين يلمع
يقشع ويقلع: مرويان، وهما بمعنىً واحد، أي ليس يزول. وخلبًا: نصب لأنه خبر ليس، وهو: البرق الذي لا مطر معه.
يقول: هو غمام يمطر علينا مواهب، وأيادي، ولا يفتر عنها. ثم فضله على الغمام من وجهين: أحدهما. أن عطاءه لا ينقطع بحال، كما تنقطع أمطار الغمام في أحوال. والثاني. أن وعده بالعطاء غير كاذب كالبرق الخلب. أي: كالغمام الذي يكون برقه خلبًا لا يأتي بمطر. يصفه بإدامة الجود والوفاء بالوعود.
إذا عرضت حاجٌ إليه فنفسه ... إلى نفسه فيها شفيعٌ مشفع
الشفيع المشفع؛ هو المقبول الشفاعة.
يقول: إذا عرضت الحاجات وظهرت الناس إليه، فلا يحتاجون إلى الوسائل إليه في قضائها، بل يكون شفيعًا إلى نفسه مقبول الشفاعة؛ لأن فيه من الكرم ما يغني عن الوسائل.
خبت نار حربٍ لم تهجها بنانه ... وأسمر عريانٌ من القشر أصلع
أسمر عريان: أراد به القلم؛ لما في لونه من السمرة.
يقول: طفئت نار حرب، لم يهجها بنان هذا الممدوح، وقلمه الأسمر العريان من القشر، وأصلع: أي أملس كالرجل الذي لا شعر على رأسه وأراد به: أن الحرب التي لم تصدر عنه لم تدم.
نحيف الشوى يعدو على أم رأسه ... ويحفى فيقوى عدوه حين يقطع
الشوى: أراد به رأس القلم، وأصله جلدة الرأس. ويحفى: أي يكل.
يقول: إنه نحيف دقيق الرأس يعدو على أم رأسه بخلاف سائر العادين، ويكل ويتعب من كثرة العدو، فإذ قطع رأسه يقوى على العدو.
يمج ظلامًا في نهارٍ لسانه ... ويفهم عمن قال ما ليس يسمع
يمج: أي يلفظ من فيه. وأراد بالظلام: المداد. وبالنهار: القرطاس وأراد بلسانه: جلفته. وهو فاعل يمج، وقوله: ويفهم عمن قال ما ليس يسمع يعني. أن القلم يفهم الناس بقراءة ما كتب ما ليس يسمعه هو.
ذباب حسامٍ منه أنجى ضريبةً ... وأعصى لمولاه وذا منه أطوع
1 / 26