251

اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

تصانيف

البلاغة
يعني: لو فرقت وقارك وحلمك بين الناس، لوسعهم وصاروا به سادة حلمًا وكنت تفوقهم بالذي يفضل عنك من الوقار والحلم. رأت لون نورك في لونها ... كلون الغزالة لا يغسل الغزالة: الشمس وقت طلوعها، وكذلك المشرق. يقول: رأت الخيمة نورك قد عادها، وأضاءت الخيمة به، كما تضيء الأرض بالشمس، فلا يمكن إزالته عنها كما لا يزال ضوء الشمس. وروى: كلون الغزالة لا ينصل من نصول الخضاب. وأنّ لها شرفًا باذخًا ... وأنّ الخيام بها تخجل باذخًا: أي عاليًا. والعامل في أن مفتوحة رأت. يقول: رأت هذه الخيمة لنفسها شرفًا عاليًا على سائر الخيام، ورأت أن الخيام تخجل من شرفها. وقيل: أراد أصحاب الخيام. فلا تنكرنّ لها صرعةً؛ ... فمن فرح النّفس ما يقتل يقول: لا تنكر سقوطها، فإنها لما رأت نورك فيها، وتشرفها بك، غلبها الفرح فسقطت؛ بما داخلها من الطرب والسرور. ومن الفرح ما يقتل صاحبه!! وهذا مثل قوله ومن السرور بكاء. ولو بلّغ النّاس ما بلّغت ... لخانتهم حولك الأرجل يقول: لو بلغ الناس ما بلغته هذه الخيمة، لخانتهم أرجلهم من هيبتك، ولسقطوا كما سقطت. ولمّا أمرت بتطنيبها ... أشيع بأنّك لا ترحل التطنيب: من الأطناب، وهي الحبال تشد إلى أوتاد الخيمة. يقول: إنك لما أمرت بضرب الخيمة، أشيع فيما بين الناس بأنك لا ترحل، بل تقيم. فما اعتمد الله تقويضها ... ولكن أشار بما تفعل التقويض: هو قلع الخيام، ونقض البناء من غير الهدم. وأشار: من الإشارة إلى الشيء. وهو بمعنى الدلالة، لا بمعنى المشورة. واعتمد وأعمد: أي ما قصد الله إسقاط هذه الخيمة، ولكن أراد أن يعلم الناس أنك راحل، ودل بذلك على بطلان اعتقادهم باتصال المقام، وترك الارتحال. وعرّف أنّك من همّه ... وأنّك في نصره ترفل من همه: أي من إرادته. وقيل: من عنايته ونصره، والهاء في همه ونصره ترجع إلى اسم الله تعالى. وترفل: أي تسحب في أذيال النصر. يقول: إن الله تعالى عرف الناس أن سيرك من مراده، وأنك في عنايته، وأنك مؤيد بنصره، وعليك من نصره حلل ترفل فيها؛ فلهذا أسقطت الخيمة. فما العاندون؟ وما أثلوا ... وما الحاسدون؟ وما قوّلوا العاندون: الأعداء. والواحد عاند، وأصله من المغالبة عند الجرح، إذا غلب دمه ولم ينقطع سيلانه، وأثلوا: أصلوا من التطير لسقوط الخيمة وما في قوله: فما العاندون وما الحاسدون للاستفهام، ومعناه الإنكار والاستحقار. وما في قوله: فما أثلوا ما قولوا بمعنى الذي. يقول: ما قدر الأعداء وما أصلوه من الأراجيف والأقوال، وما قدر الحاسدون، وما تقولوا من الأكاذيب. هم يطلبون فمن أدركوا؟ ... وهم يكذبون، فمن يقبل؟ يقول: هم يطلبون غايتك، أو يطلبون أعداءهم، فمن أدركوا منهم؟! أي لا يدركون ما يؤملون، وهم يكذبون عليك فمن يقبل قولهم؟! أي لا يقبل منهم ما يقولون. وهم يتمنّون ما يشتهون ... ومن دونه جدّك المقبل الهاء في من دونه تعود إلى ما أي أن أعداءك يتمنون ما تشتهيه أنفسهم، ولكن سعادة جدك، وإقبال دولتك، يحول بينهم وبين مرادهم. وملمومةٌ زردٌ ثوبها ... ولكنّه بالقنا مخمل ملمومة: أي كتيبة مجموعة. والزرد: حلق الدرع. وقوله زرد ثوبها في موضع الصفة لملمومة ولما جعل الدرع ثوبا: جعل الرماح خملها؛ طلبا للمشاكلة. يقول: من دونه جدك المقبلن وكتيبته مجموعة، أثوابها الدروع، وعلى هذه الأثواب خمل من الرماح: فهي مخملة بالرماح يفاجئ جيشًا بها حينه ... وينذر جيشًا بها القسطل الحين: الهلاك. والقسطل: الغبار. وحينه رفع لأنه فاعل يفاجئ والقسطل فاعل ينذر ويجوز أن يكونا مرفوعين بالابتداء وبها في موضع رفع خبر الابتداء. ويفاجئ وينذر: فعل سيف الدولة. والأول أظهر. وبها يعود إلى الملمومة. يقول: إن سيف الدولة تارة يسرى إلى العدو ليلا، فيفاجئه هلاكه ولم يشعر به، وتارة يسير نهارًا بهذه الكتيبة، فينذر جيشًا بغبارها فيهرب منه. وقيل: أراد أنه يسير مرة في الحزن من الأرض ولا يثير الغبار فيفاجئ جيش العدو، ومرة في السهل فيثير الغبار فيهربون. جعلتك بالقلب لي عدّةً ... لأنّك باليد لا تجعل

1 / 251