اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

أبو العلاء المعري ت. 449 هجري
162

اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

تصانيف

البلاغة
الأذاة، والأذى: بمعنىً. والهاء فيها: للأعضاء. يقول: إنك أعجبتها لشرفك وفضلك؛ فطال وقوفها؛ لتأمل الأعضاء لا لتؤذيها. وبذلت ما عشقته نفسك كله ... حتى بذلت لهذه صحاتها الهاء في عشقته وكله: لما. والهاء في صحاتها: للنفس. يقول: قد بذلت كل ما عشقته نفسك، حتى بذلك لحماك صحة نفسك!! حق الكواكب أن تعودك من علو ... وتعودك الآساد من غاباتها علو: لغة في علا وروى: تعودك وتزورك. يقول: على الكواكب أن تعودك من السماء، ويجب على الأسود أن تعودك من أماكنها؛ لأنك تشبه الكواكب بضيائها. والأسود بشجاعتها. والجنس يميل إلى الجنس. والجن من ستراتها، والوحش من ... فلواتها والطير من وكناتها الوكنات: جمع وكنة، وهي مواقع الطير، حيثما وقعت. وروى: وكراتها. المعنى: أنه يجب على كل ما في العالم أن يعودك. ذكر الأنام لنا فكان قصيدةً ... كنت البديع الفرد من أبياتها يقول: الناس بمنزلة القصيدة. والممدوح بمنزلة البيت البديع الفرد من أبيات تلك القصيدة. قال أبو الفتح بن جنى: هذا البيت هو البديع الفرد من هذه القصيدة. في الناس أمثلةٌ تكون حياتها ... كمماتها ومماتها كحياتها روى: تدور حياتها. وأمثلة: أي أشباه. يعني: أن أشباه الناس. وقيل: أراد أن الناس أمور لا خير عندها ولا شر، فموتها وحياتها سواء. هبت النكاح حذار نسلٍ مثلها ... حتى وفرت على النساء بناتها يقول: إن التزوج ربما ينتج ولدًا لا خير فيه! مثل هذه الأمثلة، فتركت بنات النساء عليهن، لم أتزوج منهن واحدة. فاليوم صرت إلى الذي لو أنه ... ملك البرية لاستقل هباتها يقول: فاليوم رأيت أفضل الناس وأكرمهم، فلو ملك الخلق كلهم ثم وهبهم لسائل لاستقلهم. مسترخصٌ نظرٌ إليه بما به ... نظرت وعثرة رجله بدياتها نظرت: فعل البرية. يقول: لو اشترت البرية نظرةً إليه، بعيونها التي تنظر بها، لكانت رخيصة! ولوفدت البرية عثرة رجله بداياتها: أي ديات البرية، لكانت رخيصة. ونظرٌ وعثرةٌ مرفوعان بمسترخص والهاء في دياتها قيل: للبرية. وقيل: للرجل. والأول أولى. وقال يمدح علي بن أحمد بن عامر الأنطاكي وفيها يفتخر ويصف ما لاقاه في طريقه: أطاعن خيلًا من فوارسها الدهر ... وحيدًا، وما قولي كذا ومعي الصبر! يقول: أطاعن خيلًا، والدهر واحدًا من فرسانها! وأنا وحيد ليس لي من يعينني، ثم رجع وقال: ليس قولي كذلك، بل معي صبري يعاونني على دفع هذه الخيل، التي هي الدهر، وحوادثه منها، وأراد أني أقاسي خطوب الدهر. وأشجع مني كل يومٍ سلامتي ... وما ثبتت إلا وفي نفسها أمر يقول: إن سلامتي أشجع مني؛ لأنها ثبتت على حالها في كل أمرٍ عظيم وهولٍ جسيم، وما ثبتت سلامتي في هذه الأخطار العظيمة، إلا وفي نفس السلامة أمر. يعني: أن بقاء سلامتي يدل على أمر عظيم يظهر مني. تمرست بالآفات حتى تركتها ... تقول: أمات الموت أم ذعر الذعر؟! تمرست: أي تعودت إلقاء نفسي في الآفات والشدائد، حتى تركت الآفاق متعجبة مني ومن سلامتي! يقول: لعل الموت قد مات، والخوف خاف أن يخالط قلبي! وأقدمت إقدام الأتي كأن لي ... سوى مهجتي أو كان لي عندها وتر الأتي: السيل الذي يأتي من بلد إلى بلد فلم يصبك مطره. يقول: إن إقدامي على الشدائد كإقدام السيل الذي لا يرد في شيء، فكأن لي نفسًا غير نفسي هذه، حيث لا أبالي بهلاكها، وكأن لي عند نفسي ذخلًا، أريد أن أتلف نفسي لأجلها!. ذر النفس تأخذ وسعها قبل بينها ... فمفترقٌ جاران دارهما العمر أراد بالنفس: الروح. يقول: دع نفسك تأخذ من الدنيا ما قدرت عليه من العلو والشرف، قبل أن تفارق الجسد، فإنهما جاران فلابد من افتراقهما، والعمر دارهما، ولابد من نفاذ العمر فإذا نفذ افترقا. ولا تحسبن المجد زقًا وقينةً ... فما المجد إلا السيف والفتكة البكر يقول: لا تشغل نفسك باللهو والشراب، فإنه ليس بمجدٍ، وإنما المجد يحصل بالسيف والإقدام على الحرب. وتضريب أعناق الملوك وأن ترى ... لك الهبوات السود والعسكر المجر الهبوة: الغبار الكثير.

1 / 162