[معجم شيوخ الطبري]
المؤلف: أكرم بن محمد زيادة الفالوجي الأثري
تقديم: الشيخ باسم بن فيصل الجوابرة، الشيخ سليم بن عيد الهلالي، الشيخ علي بن حسن الحلبي، الشيخ محمد بن عبد الرزاق الرعود، الشيخ مشهور بن حسن سلمان
الناشر: الدار الأثرية، الأردن - دار ابن عفان، القاهرة
الطبعة: الأولى، 1426 ه - 2005 م
عدد الأجزاء: 1
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]
صفحة غير معروفة
إهداء وشكر وتقدير وعرفان
إلى إمام المفسرين وشيخ المحدثين ورأس المؤرخين ومقرئ المقرئين
أبي جعفر محمد بن جرير الطبري
وإلى شيخنا الفاضل وإمامنا العظيم، أسد السنة الهمام، الذاب عن السنة والحديث وحارس علم الجرح والتعديل ومعرفة الرجال بالحق .. لا الحق بالرجال!! .. في زمن قل فيه الرجال.
أبي عبد الرحمن محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
وإلى الشيخين الفاضلين اللذين حببا إلي الحق لدراسة أحوال أولئك الرجال بالحق:
أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى
وأبي عبد الرحمن محمد بن عبد الله الريمي المعروف ب (الإمام) متع الله بحياته وإلى الأحبة الأفاضل، الذين لم يبخلوا علينا بنصح أو إرشاد أو توجيه أو مراجعة أصحاب الفضيلة أشياخ السنة والحديث في أردننا المحروس - بإذن الله - الذين قدموا لهذا الكتاب.
وإلى زوجتي الفاضلة (أم محمد علي)
وبنتي الحبيبتين (ساجدة، وزاهدة)
وأبنائي الأعزاء (محمد علي، ومحمد قصي، ومحمد عدي)
الذين أوصلوا الليل بالنهار وأحالوا البيت إلى ورشة عمل نشيط دؤوب لعزو كل رواية لراويها في أكثر من (45000 رواية) في كتب الطبري (الأربعة) بحثا وتنضيدا وتدقيقا ..
إلى أولئك جميعا أهدي هذه الثمرة التي جنيتها بتوفيق الله أولا ثم بفضل ميراثهم وتوجيهاتهم ومشاركاتهم، والحمد لله رب العالمين.
أكرم
صفحة غير معروفة
بسم الله الرحمن الرحيم
عليه نتوكل وبه نستعين
المقدمات
وقد تفضل خمسة من أصحاب الفضيلة من أهل العلم بالحديث والسنن والآثار بالتقديم لهذا الكتاب - مشكورين مأجورين. ومقدماتهم مرتبة حسب أسمائهم هجائيا وهم
فضيلة الشيخ باسم بن فيصل الجوابرة
فضيلة الشيخ سليم بن عيد الهلالي
فضيلة الشيخ علي بن حسن الحلبي
فضيلة الشيخ محمد بن عبد الرزاق الرعود
فضيلة الشيخ مشهور بن حسن سلمان
صفحة غير معروفة
تقديم فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور باسم فيصل الجوابرة
أستاذ الحديث وعلومه في الجامعة الأردنية
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:
فقد اطلعت على كتاب " معجم شيوخ الطبري " الذين روى عنهم في " التفسير " و" التاريخ " و" تهذيب الآثار " و" صريح السنة " للأخ أكرم زيادة، فوجدت أن هذا الكتاب قد أضاف إلى المكتبة الإسلامية كتابا هاما، لحاجة طلبة العلم له؛ فقد جمع فيه شيوخ الإمام الطبري في معظم (1) كتبه المطبوعة، مرتبة على حروف الهجاء مبينا من أخرج للراوي من أصحاب الكتب الستة وقد بذل الأخ أكرم جهدا عظيما في جمع هذه المادة الكبيرة، ولم يقتصر الباحث على جمع المادة فقط، بل ترجم ترجمة موسعة لكل شيخ وجده، ثم ذكر شيوخه وتلاميذه " وكلام العلماء فيه جرحا وتعديلا. ومن خلال اطلاعي على هذا الكتاب القيم، وجدت جهدا كبيرا يتعلق بتصحيح الأسماء المصحفة، أو المحرفة، أو إثبات الاسم الساقط. ثم أثبت أسماء المصادر والمراجع التي استقى منها ترجمة الراوي بعد الترجمة مباشرة، ثم ذكر في هذا الكتاب أسماء رواة ما يشابه به أو يماثل بعض شيوخ الطبري حتى لا يشكل على الباحث معرفته. ثم عمل الأخ أكرم فهارس علمية مفيدة كثيرة، بلغت أكثر من عشرين فهرسا تسهل على الباحث الرجوع إلى الكتاب بسرعة وسهولة. وأخيرا أدعو الله سبحانه وتعالى للأخ الأستاذ أكرم زيادة التوفيق والسداد، وأن يجعل أعمالنا جميعا خالصة لله سبحانه وتعالى " وأن يرزقنا وإياه وجميع المسلمين الذرية الصالحة
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
16/ 7 / 2001
الدكتور باسم فيصل الجوابرة
صفحة ١
تقديم فضيلة الشيخ أبي أسامة سليم بن عيد الهلالي
، حفظه الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد: - فإن معرفة السنة من أعظم أركان الدين، ولذاك فالعناية بها واجبة على المسلمين، ولا سبيل إلى ذلك إلا بتعيين الصحيح من السقيم وبمعرفة أحوال نقلتها ومراتبهم.
ولقد وفق الله للسنة حفاظا عارفين، وجهابذة عالمين " وصيارفة ناقدين .. ينفون عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين؛ خصهم الله بهذه الفضيلة ورزقهم المعرفة في كل دهر وزمان.
وكان من زمرتهم المباركة، وركبهم الكريم، وقافلتهم المتصلة، شيخ المفسرين والمحدثين والمؤرخين؛ الإمام العلم الفرد المجتهد أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، صاحب التصانيف البديعة في التفسير والحديث والتاريخ والعقيدة.
ولقد وفق الله أخانا في الله: أكرم بن محمد زيادة إلى خدمة مصنفات الإمام الشهير ابن جرير - رحمه الله - فاستخرج أسامي شيوخه في كتبه المطبوعة المعروفة وترجم لهم ترجمة تقربهم بين يدي طالب العلم، وتكشف عن مراتبهم في الجرح والتعديل؛ اصطحب في رحلته إلى ذلك نفسا علميا، وتأنيا سنيا، فجاء عمله شاملا متكاملا بتوفيق الله وفضله.
صفحة ٢
وأخي الفاضل - أكرم - مثال كريم في التؤدة، وعدم الاستعجال، والانتفاع بإخوانه، والإفادة ممن هو دونه، ومثله، وفوقه.
وعمله الذي بين يديك ينبئك بما قدمت، ولا أزكيه على الله، والله حسيبه أرجو الله لي وله ولجميع إخواننا طلبة العلم الثبات على الحق، والازدياد من العلم، وحسن الخاتمة على منهج السلف الصالح من الصحابة الأطهار والتابعين الأبرار، ومن سار على نهجهم من علمائنا الفحول الأخيار؛ إنه بكل جميل كفيل وهو حسبي ونعم الوكيل.
وكتبه
أبو أسامة سليم بن عيد الهلالي السلفي
ضحى ثلاثاء العافية لتسع ليال خلت من جمادى الآخرة سنة 1422 ه في عمان البلقاء عاصمة جند الأردن
صفحة ٣
تقديم فضيلة الشيخ أبي الحارث علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد الحلبي
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:
فقد وفقني الله - تبارك وتعالى - لمتابعة هذا العمل العلمي في شتى مراحله - بدءا وانتهاء -؛ بحيث كنت واقفا على سائر تطوراته؛ من مجرد سرد لشيوخ الإمام الطبري في " تفسيره "؛ إلى ذكر مروياتهم، ومواضعها، ومن محض الاقتصار على " التفسير "؛ إلى شمول ذلك سائر مصنفات هذا الإمام النحرير ..
ولم يسعني - بعد - إلا الاستجابة السريعة لما طلبه مني - متكرما - أخي الفاضل الشيخ أكرم زيادة - أكرمه الله بالحسنى وزيادة - من تقديم لعمله هذا؛ وذلك عملا بأدب القرآن الحكيم: {سنشد عضدك بأخيك} ..
فالله أسأل لي وله التوفيق والسداد، وأن ينفع بما جمعه سائر العباد، إنه - سبحانه - ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتب أبو الحارث علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد الحلبي الأثري
الأردن - الزرقاء
24 / جمادى الآخرة / 1422 ه
صفحة ٤
تقديم فضيلة الدكتور محمد بن عبد الرزاق الرعود
- نائب عميد كلية الدعوة وأصول الدين، والأستاذ المساعد للسنة وعلوم الحديث فيها.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وسلم. وبعد: -
فإن الناظر في موروث هذه الأمة من مصادر شرعية موسوعية، وغير موسوعية ليدرك جليا مدى الجهد والعناء المبذول في جمعها، وتأليفها، وسبكها، ذلك السبك العلمي المبدع الذي قل نظيره فيما نرى اليوم.
لا سيما تلك المصنفات، المتعلقة بالحديث الشريف وعلومه " ورجاله وتراجمهم، فهي أكثر من أن تحصى، أو يأتي عليها العد. فلقد انبرى لإيجادها جهابذة وأفذاذ، تضلعوا من علم النبوة، وأبحروا فيه، ووصلوا إلى غاية الإبداع والفهم والإحاطة والإدراك لما صنفوا وألفوا.
ومن هؤلاء الأساطين الإمام الجليل، أبو جعفر، محمد بن جرير الطبري المفسر، المحدث، المؤرخ، الفقيه، الذي حوى جليل العلوم، وتفنن في تصنيفها وتتلمذ على مئات العلماء والشيوخ المشهود لهم بالفضل والعلم والسداد.
هؤلاء الشيوخ بهذا العدد والوفرة، نجد اليوم من أفرد لهم مصنفا مستقلا ولقد لقي الطبري ومصنفاته عناية فائقة من الدارسين، وطلبة العلم لا سيما الدراسات (الأكاديمية)، وجاءت دراسة الأخ والصديق، فضيلة الشيخ أكرم بن
صفحة ٥
محمد علي زيادة الفالوجي الأثري، مميزة في منهجها، محيطة في موضوعها، غاية في أهميتها، خاصة وأن دراسة شيوخ الطبري الذين روى عنهم بهذا الحد، والتمام والكمال، لم يسبق له - فيما أعلم -، فهو رائد هذا البحث، وصاحب المبادرة فيه، إذ جمع شتاتا نفيسا، من بطون أمهات مصادر التراجم، والرجال، وكل ما يتعلق بشيوخ الطبري، ورتبه ترتيبا مسبوكا، مشفوعا بالرموز الدالة على مواضع روايات الرجال، وتراجمهم، في مصادرها الأصلية، فهو بهذا يسهم في إثراء المكتبة الإسلامية، ويضيف معرفة جديدة، ينهل منها طلبة العلم، ويفيد منها كل متخصص في الحديث وعلومه والرجال وتراجمهم.
هذا ولقد رتب الأخ والصديق " أبو محمد علي " كتابه وفق منهج رشيد سديد، اختط عناصره، وجمع بين مادته وأبوابه بصورة متناسقة متكاملة، مما كفل للكتاب وحدته الموضوعية، فشف ذلك عن حسن التبويب والتفصيل والترتيب والتنسيق، فهو موسوعة رجال بحق، لا يستغني عنها مشتغل بالحديث الشريف وعلومه، والتفسير الأثري ورجال إسناده.
هذا ولا يخفى على كل ذي عينين الجهد الكبير الذي بذله الأخ المؤلف " أبو محمد علي " - حفظه الله -، حتى خرج هذا الكتاب محفوفا بالرعاية " والعناية والضبط والإتقان، وهذا ليس بغريب على أمثال " أبي محمد علي " فهو كما عرفته دريسا صبورا، وجلدا مثابرا لا يمل " ولا يكل، شغوفا بالعكوف على كتب أهل العلم من أهل السنة والحديث، وسبر أغوارها " ناهيك عن حلقات الدرس والعلم التي كان ولا يزال يعقدها وباستمرار لطلبة العلم، نفع الله به وبعلمه وجزاه الله على ذلك خير الجزاء.
صفحة ٦
ولا يسعني إلا أن أتوجه إلى الباري - عز وجل - أن يكلأ مصنف هذا الكتاب بعين رعايته، ليتابع مسيرة عطائه، وليخرج ما بجعبته " مما أشار إليه في مقدمته " من مشروع كامل ومتكامل، في خدمة كتب الإمام الطبري - رحمه الله تعالى - وخاصة ما يتعلق بها من تراجم رجال أسانيد الطبري في كتبه، ليتمم بهذه الحلقة من تراجم الرجال، سلسلة من معاجم الشيوخ وتراجم رواة الحديث والآثار والتفسير بالأثر.
وهذا العمل الذي بين أيدينا الآن والذي ينم عن عظيم طاقه، وكبير مكنون يتمتع بهما فبارك الله به وبعلمه، ونفع به الناس آمين
الدكتور محمد بن عبد الرزاق الرعود
نائب عميد كلية الدعوة وأصول الدين والأستاذ المساعد في علوم السنة والحديث
جامعة البلقاء التطبيقية - عمان - الأردن
صفحة ٧
تقديم فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان
، حفظه الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:
فقد قال الأوائل: " كم ترك الأول للآخر " ومن بين ما تركوه الدراسات المستوعبة التحليلية، المفصلة، المعللة، الإحصائية للرواة، فقد دون علماؤنا الأجلة كثيرا في التراجم، وتفننوا في عرضها، وسياقها، وكادت أن تتمايز بينها بأشياء ويلمح الموفق الفطن سمات في بعضها دون بعض.
وجهودهم في هذا الباب متنوعة، ونافعة، وماتعة، ولكنها .. شاقة، فقد ألفت في بعض الأحايين، مع تحمل مشاق الرحلة، والتنقل، والتعرض للمخاوف والمهالك، مع بذل الأوقات والطاقات، ولا تنس ما تركوه من أهل وولد ولذات وعادات راتبات، ولذا جاء في الحديث الصحيح «السفر قطعة من العذاب» (1).
نعم عصر اليوم فيه راحة وانبساط، وتروح للنفس والميل إلى الدعة، ولذا كانت الآفة عند الجلة - إلا من رحم ربي - في (الهمة).
صفحة ٨
ولكن من رحمة الله وفضله، ومنه وكرمه، أن هذه الآفة قد خلت منها جماعة من حذاق طلبة العلم، فانشغلوا في هذا الزمان الذي كثر فيه القيل والقال والبحث عن تتبع العثرات والزلات، وقل فيه الترقي في الخيرات، لتحصيل الثمرات ب (العوالي) و (الغوالي)، فعمروا أوقاتهم، وكرسوها في المشاريع العلمية النافعة.
وكان قائدهم في ذلك خدمة العلم، وباعثهم تذليل الصعب، وتقريب البعيد وجمع الشريد وسلاحهم الصبر والأناة وهمهم سد النقص، والبعد عن المكرر المملول.
ومن هؤلاء ؛ ممن امتن الله عليهم في هذا الزمان بحظ كبير، ونصيب غزير مما سبقت الإشارة إليه: الأخ الفاضل الشيخ أكرم زيادة، حفظه الله ورعاه.
فقد خدم " تفسيرا " من تفاسير كتاب الله عز وجل، بالدراسة والتحليل، مما امتاز فيه عن سائرها، حيث اعتبر بمنزلة (الأم) لها، ألا وهو تفسير الإمام شيخ المفسرين (ابن جرير الطبري) رحمه الله تعالى.
فقام بدراسة شيوخ الطبري، وعمل على ترجمتهم، مع كثرتهم، وندرة تراجم بعضهم ثم انتقل إلى سائر كتب الإمام (ابن جرير) - المطبوعة، ونظر إلى (وفاقهم)، و (فراقهم) في هذه المؤلفات، فكان هذا الكتاب الذي أتشرف اليوم بكتابة هذه السطور تقديما له - من نصيب (الوفاق)، و (الاجتماع) فشرط صاحبه فيه؛ ترجمة من وقع له ذكر في جميع كتب الإمام الطبري المطبوعة وسيتبع ذلك جملة من كتب تخص شيوخ الطبري، بينها المؤلف في ديباجة هذا الكتاب النافع، وتأنق في توزيعهم، وتقسيمهم، على وجه رائع.
صفحة ٩
والجيد في هذا الكتاب - وكله جيد - فكرته، وجمعه، وعرضه، وتبويبه أنه جمع بين (الجدة)، و (الأصالة)، و (الوجازة)، و (البساطة) وهو مع ذلك كله: كثير (الفائدة)، غزير (المادة).
و (الجدة) فيه: أنه في جمع رجال كتب أصلية، لم يسبق أن قام عالم بذلك في حدود ما أعلم
وأن فيه زيادات على الكتب المستخدمة عند طلبة علم الحديث في البحث من جهة.
وفيه استدراك كثير وقوي على تسمية شيوخ وتلاميذ المترجمين في الكتب المشهورة من جهة أخرى، ويمكن للباحث من خلال استقراء جميع روايات هذا العلم الذي لم يحظ بدراسة مستقلة استقرائية لرواة أسانيده، أن يلقي ضوء على رواة (1) لم تصلنا كلمة جهابذة الجرح والتعديل. وأنصح أخي أكرم - أكرمه الله، ونفع به - أن يعتني بهؤلاء في فهرس خاص بعد النظر في كتب الرجال في أحكام الطبري على الرواة ومقارنة أحكام الطبري بأحكام غيره، وبيان مدى تشدده وتساهله في ذلك.
و (الأصالة) فيه: أن باب التراجع مطروق بالجملة، وطريقة مادة الكتاب على الجادة فقد بدأ مصنفه بذكر اسم الرجل على النحو الذي ورد عند الطبري مع ذكر رقم وروده أول مرة في " التفسير " أو: في " التاريخ "، أو: " تهذيب الآثار "، مكتفيا برقم الخبر، ثم ذكر عدد مروياته وعدد شيوخه، ثم ذكر
صفحة ١٠
اسمه الرباعي مع ترجمة موجزة له فيها بيان درجته في التوثيق والتجريح، مع العناية بطبقته، والجيد المفيد الجديد في هذا الباب: محاولة مصنفه - شكر الله له - مجاراة من قبله ممن نصص على بعض الشيوخ في هذه المواد، واستخلاص حكم على من لم ينصص عليه بالاستنباط، ولا غرو في ذلك، فإن الملكة مع كثرة الممارسة والتفرغ للعمل الواحد تشتد وتتقوى، وتنقدح في النفس أشياء مفيدة مع مرور الزمن وكثرة الدراسة والمباحثة، فإن من اعتنى بشيء تطلبه، وتعب فيه، وحصله بإذن الله، والله الموفق والهادي.
وأما (الوجازة) فليس للحشو واللغو، وتطويل العبارات أدنى نصيب من هذا الكتاب وقد أحسن مصنفه لما أسقط أسماء شيوخ وتلاميذ المترجمين الذين ذكرهم (المزي) في " تهذيب الكمال "، عدا أسماء من له رواية من الشيوخ عند الطبري وأنه أثبت ما وقع نظره عليه في بطون الكتب مما لم يثبت فيه. وهذا ما عنيته ب (البساطة) (1) وقد بسط أشياء أخر مفيدة في كتابه أيضا مثل: التنبيه على التصحيف، والتحريف في الطبعات، وبيان المتفق والمفترق من الرواة، وتمييز المترجم عن آخر أو آخرين شبيهين به، وعدد الروايات المكررة في " التاريخ " في الصفحة الواحدة بوضع علامة (*)، والتنبيه على ما وقع من سقط في أسانيد الطبري، وتعقب على بعض الأئمة والعلماء حول الرواة، ومن الجيد النافع فيه أنه ذكر فيه رقم كل أثر روى الطبري فيه عن شيوخه، وعن شيوخهم من كتبه، وذكر عبارات الأئمة معزوة لقائليها، التي لم تذكر عند (المزي) في " تهذيب الكمال "
صفحة ١١
ولا أبي بكر الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد ".
وأخيرا .. فنصيحتي لطلبة العلم أن يستفيدوا من هذا الكتاب وما سيليه من عين معدن مادته؛ بإنعام النظر، وإدمانه، في منهج صاحبه، والرجوع إليه في المشكلات من طبقة الرواة الذين تتراوح وفياتهم بين سنة (خمسين ومائتين)، و (عشر وثلاث مائة)، (فابن جرير) رحالة، لم يترك بلدا، ولا شيخا، إلا أخذ عنه واستفاد منه، وله في ذلك جهود جبارة، تنظر على تفصيل، يحتاجه طلبة العلم اليوم لشحذ هممهم في ترجمته في " معجم الأدباء، لياقوت وغيره، وكتابنا هذا لبنة؛ إن أحسن صاحبها - وما أخاله إلا محسنا إن شاء الله - البناء عليها، فإن الخدمة تعم وتشمل أصول الكتاب، ومنها " تفسير الطبري " على وجه الخصوص ليظهر بالمنزلة اللائقة به، من خلو من تحريف، وسلامة من تصحيف وبيان درجة أحاديثه وآثاره، وتمييز الصحيح من الضعيف، ولعل أخانا المؤلف - حفظه الله - يقوم بذلك على وجه يزيل به دينا عن عاتق المخرجين، الجادين، الشادين، العاملين على وجه فيه أناة وإحسان ومعرفة لحق علماء هذا الشأن.
وأما نصيحتي لمؤلفه .. أن يبقى مستمرا مستقرا، على المنهج الذي هو عليه من البعد عن تنتيف الكتب، أو الانشغال تأليفا، أو تحقيقا برسائل تخدم مسألة (طبولية) تحوز إعجاب بعض الحدثاء، أو تملأ فراغ بعض الجهلاء، مدة من الزمن ثم تصبح - كما يقولون - في خبر (كان) فلا هم للعلم خدموا، ولا للأعداء كسروا، ولا لطلبة العلم كثروا، أو من مستواهم رفعوا وحسنوا.
فعناية المؤلف - أحسن الله صنيعه، وتقبل منه جميعه - لمصدر ينهل منه طلبة العلم على اختلاف الأمصار والأعصار، من الأعمال المبرورة المشكورة وكم هي
صفحة ١٢
حاجة دور النشر اليوم إلى من يسبق أصحابها في العمل بمشاريع تسد النقص وتزيل العجز، فيكون أمامها يرشد المسيرة، بخلاف أولئك الذين يركضون وراء الناشرين فيعملون على تلبية رغباتهم على قاعدة (ما يطلبه القراء)، والفرق كبير بين من سار إلى الأمام ومن التفت إلى الوراء، وبين من ابتكر وسبق وأبدع ومن جارى وشوش ورقع، والله، سبحانه - الهادي إلى سواء السبيل، والواقي من كل سوء ودخيل. وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وكتب أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان.
الأردن المحروس - عمان
صفحة ١٣
رموز كتب " تهذيب الكمال " و " تهذيب التهذيب " و " تقريب التهذيب "
ع = الستة
خ = البخاري في الصحيح
خغ = البخاري في غير الصحيح
بخ = البخاري في الأدب المفرد
خت = البخاري تعليقا واستشهادا ومقرونا وفي التاريخ
ر = البخاري في جزء القراءة
عخ = البخاري في خلق أفعال العباد
ي = البخاري في رفع اليدين
م = مسلم في الصحيح
مق = مسلم في المقدمة
مت = مسلم تعليقا واستشهادا ومقرونا
س = النسائي في المجتبى
ن = النسائي في الكبرى
ص = النسائي في مسند وخصائص علي
سي = النسائي في عمل اليوم والليلة
كن = النسائي في مسند مالك
د = أبو داود في السنن
فد = أبو داود في كتاب التفرد
قد = أبو داود في القدر
مد = أبو داود في المراسيل
دل = أبو داود في المسائل
كد = أبو داود في مسند مالك
غد = أبو داود في غير السنن إن تعددت
صفحة ١٤
صد = أبو داود في فضائل الأنصار
خد = أبو داود في الناسخ
ت = الترمذي في السنن
تم = الترمذي في الشمائل
ق = ابن ماجة في السنن
فق = ابن ماجة في التفسير
رموز " تعجيل المنفعة " عدا رمز أحمد
ك = مالك كما في: " التعجيل "
فع = الشافعي في المسند
فه = أبو حنيفة في المسند
حم = أحمد في المسند
عب = زيادات عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه
الرموز التي خصصتها لكتب الطبري
تس = ابن جرير في التفسير
تخ = ابن جرير في التاريخ
ته = ابن جرير في تهذيب الآثار
تق = ابن جرير في الجزء الذي كان مفقودا من تهذيب الآثار
صر = ابن جرير في صريح السنة
مجموع روايات الطبري في جميع كتبه عن شيخه: (طب).
عدد الروايات التي رواها شيخ الطبري المترجم في كتب الطبري عن شيوخه
(ر) عدد الشيوخ الذين روى عنهم شيخ الطبري المترجم في كتب الطبري.
(ش) الشرطة المائلة إلى اليسار (/): عن.
صفحة ١٥
مقدمة منهج البحث والتأليف
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل، فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:-
فإن أحسن الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة، ضلالة وكل ضلالة في النار.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}.
(آل عمران: 102)
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا}. (النساء: 1)
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما}. (الأحزاب: 72 و73)
أما بعد:- فإن من تمام نعمة الله على عباده المؤمنين، أن حبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، وكره إليهم الكفر، والفسوق، والعصيان، ليكونوا بذلك من الراشدين، وإن من متممات هذه النعمة لخواصه، أن يحبب إليهم العلم، الذي يحسنون به العمل، والذي هو ركن ركين في الإيمان، والذي أجمع أهل السنة والجماعة، على أنه قول وعمل واعتقاد، يزيد بالطاعات، وينقص بالمعاصي والخطيئات وإن أشرف العلوم علوم الأنبياء عليهم السلام.
صفحة ١٦
وإن أشرفهم على الإطلاق سيد الأنام، محمد عليه أفضل الصلاة، وأزكى السلام، وإن أشرف علم ورثه أمته هذا الذكر، الذي تكفل الله بحفظه، وأنزله وحيا من عنده، وجعله روحا من أمره، يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم به من الظلمات إلى النور بإذنه، ويهديهم إلى صراط مستقيم؛ ألا وهو الذكر الحكيم، والقرآن العظيم، المتعبد بتلاوته. ثم البيان المبين لأحكامه كما قال منزله وحافظه سبحانه: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}.
[النحل: 44]
ولما كان الذكر هو كلام الله بألفاظه، ومعانيه، محفوظا بحفظه - سبحانه وتعالى. فحفظت ألفاظه في الصدور، وبين ثنايا السطور، حيث جعل الله تعالى الذكر هو القرآن، والسنة هي البيان، واصطفى من عباده؛ الأخيار من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان في سائر العصور والأمصار، رجالا يحملوه إلى الناس كافة، في كافة الأقطار، والأمصار، لأن الصحابة شاهدوا تنزيله وسمعوا تأويله، فصاروا بذلك شهودا شاهدين، وبتبليغه للخلق مكلفين وبتأويله لكل جاهل عالمين، فامتثلوا أمر نبيهم الأمين: «فليبلغ الشاهد منكم الغائب »، وحققوا قول ربهم العظيم: {الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا}.
(الأحزاب: 39)
ولقد كان من تمام البيان، أن تصدى النبي صلى الله عليه وسلم لتفسيره وتبيينه، بالمبادرة منه بتبليغ الوحي تارة، أو بإجابة السائلين عن تأويله وبيانه تارة أخرى، وكل ذلك بوحي من الله، تبارك وتعالى - إما بالرسول الأمين جبريل - عليه السلام - تارة
صفحة ١٧