يا نفس! لتكن أغراضك كلها علم الحق. فإذا اقتنيته فانهضى وتزكى فى الفكر والتمييز دائما لتدركى بذلك الإصابة وتجرى عادتك ويحتد بصرك ونورك، فتفعلين حينئذ فعل المصب البصير النير المهتدى، وتنسين الجهل والعمى والخطأ فتتركينه وتعدمين بذلك فعل الجاهل الأعمى المخطئ. فتدبرى هذا واعتبريه، فإن باعتبارك إياه تجدين حقيقته.
يا نفس! إن حد العذاب مشاهدة النفس ما اختلف وتغير، وإن حد النعيم مشاهدة النفس ما اتفق ودام وثبت دائما. والبرهان على ذلك يا نفس ما تشاهدينه فى عالم الحس: فإن أشد الناس جزعا وخوفا واستكانة من كان فى النعيم ثم عدمه وانتقل إلى الشقاء. — فقد تبين يا نفس أن العذاب هو الاختلاف والتغير، وأن النعيم هو الاتفاق والدوام. فإن أردت، يا نفس، الراحة من العذاب فانتقلى من عالم الاختلاف والتغير إلى عالم الدوام والبقاء.
صفحة ٩٣