252

المبدع في شرح المقنع

محقق

محمد حسن محمد حسن إسماعيل الشافعي

الناشر

دار الكتب العلمية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٧ هجري

مكان النشر

بيروت

وَتَجِبُ عَلَى النَّائِمِ، وَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِسُكْرٍ أَوْ إِغْمَاءٍ أَوْ بِشُرْبِ دَوَاءٍ، وَلَا تَجِبُ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
﴿وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ [البينة: ٥] .
وَبِالسُّنَّةِ، مِنْهَا قَوْلُهُ ﵇: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ، شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَحَجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.
وَبِالْإِجْمَاعِ، لِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ الْخَمْسِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، قَالَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ لِابْنِ عَبَّاسٍ: هَلْ تَجِدُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي الْقُرْآنِ؛ قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ قَرَأَ ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ [الروم: ١٧] ﴿وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ [الروم: ١٨] وَفُرِضَتْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، وَهُوَ بَعْدَ مَبْعَثِهِ بِخَمْسِ سِنِينَ، وَقِيلَ: قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ، وَقِيلَ: بَعْدَ مَبْعَثِهِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ شَهْرًا (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ) أَيْ: مُكَلَّفٍ بِغَيْرِ خِلَافٍ (إِلَّا الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ) فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا لِمَا مَرَّ.
(وَتَجِبُ عَلَى النَّائِمِ) أَيْ: يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا إِذَا اسْتَيْقَظَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَوْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ حَالَ نَوْمِهِ لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهَا، كَالْمَجْنُونِ، وَيَلْحَقُ بِهِ السَّاهِي، وَالْجَاهِلُ، فَلَوْ تَرَكَهَا الْجَاهِلُ قَبْلَ بُلُوغِ الشَّرْعِ بِوُجُوبِهَا لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا، وَقِيلَ: لَا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّرَائِعَ لَا تَلْزَمُ إِلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ، وَأَجْرَى ذَلِكَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي كُلِّ مَنْ تَرَكَ وَاجِبًا قَبْلَ بُلُوغِ الشَّرْعِ مِنْ تَيَمُّمٍ، وَزَكَاةٍ، وَنَحْوِهِمَا (و) تَجِبُ عَلَى (مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِسُكْرٍ) لِأَنَّ سُكْرَهُ مَعْصِيَةٌ، فَلَا يُنَاسِبُ إِسْقَاطَ الْوَاجِبِ عَنْهُ وَلِأَنَّهُ إِذَا وَجَبَ بِالنَّوْمِ الْمُبَاحِ، فَبِالْمُحَرَّمِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَقِيلَ: يَسْقُطُ إِذَا كَانَ مُكْرَهًا

1 / 264