231

المبدع في شرح المقنع

محقق

محمد حسن محمد حسن إسماعيل الشافعي

الناشر

دار الكتب العلمية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٧ هجري

مكان النشر

بيروت

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؛ فَقَالَ: إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ، وَصَلِّي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي لَفْظِ النَّسَائِيِّ: «إِذَا كَانَ الْحَيْضُ، فَإِنَّهُ أَسْوَدُ يُعْرَفُ، فَأَمْسِكِي عَنِ الصَّلَاةِ، وَإِذَا كَانَ الْآخَرُ فَتَوَضَّئِي، وَصَلِّي، فَإِنَّمَا هُوَ دَمُ عِرْقٍ» وَلِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنَ الْفَرْجِ يُوجِبُ الْغُسْلَ فَرَجَعَ إِلَى صِفَتِهِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ كَالْمَنِيِّ، وَالْمَذْيِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهَا إِذَا عَرَفَتِ التَّمْيِيزَ جَلَسَتْ مِنْ غَيْرِ تَكْرَارٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَالْخِرَقِيِّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يَتَمَيَّزَ أَحَدُ الدَّمَيْنِ عَنِ الْآخَرِ فِي الصِّفَةِ، وَهَذَا يُوجَدُ بِأَوَّلِ مَرَّةٍ، وَالتَّمْيِيزُ يَحْصُلُ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ، وَاعْتَبَرَ أَبُو الْمَعَالِي اللَّوْنَ فَقَطْ، فَالْأَسْوَدُ أَقْوَى، ثُمَّ الْأَحْمَرُ، ثُمَّ الْأَشْقَرُ، وَكَرِيهُ الرَّائِحَةِ أَقْوَى، وَالثَّخِينُ أَقْوَى مِنَ الرَّقِيقِ، فَإِنْ تَعَارَضَتِ الصِّفَاتُ، فَذَكَرَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُرَجَّحُ بِالْكَثْرَةِ، فَإِنِ اسْتَوَتْ، رُجِّحَ بِالسَّبْقِ.
(وَمَا عَدَاهُ اسْتِحَاضَةٌ) فَيَصِيرُ حُكْمُهَا حُكْمَ الطَّاهِرَاتِ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ، فَتَغْتَسِلُ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْأَوَّلِ وَتَصُومُ، وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ كَمَا يَأْتِي.
١ -
تَنْبِيهٌ: تَقَدَّمَ أَنَّ دَلَالَةَ التَّمْيِيزِ لَا تَحْتَاجُ إِلَى تَكْرَارٍ، وَقَالَ الْقَاضِي، وَأَبُو الْحَسَنِ الْآمِدِيُّ: تَجْلِسُ الْمُمَيِّزَةُ مِنَ التَّمْيِيزِ مَا تَكَرَّرَ، فَعَلَى هَذَا إِذَا رَأَتْ فِي كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَةً أَحْمَرَ، ثُمَّ خَمْسَةً أَسْوَدَ، ثُمَّ أَحْمَرَ، وَاتَّصَلَ، جَلَسَتْ زَمَانَ الْأَسْوَدِ، وَهَلْ تَجْلِسُهُ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي أَوِ الثَّالِثِ أَوِ الرَّابِعِ؛ يُخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ، وَلَا يُعْتَبَرُ أَنْ لَا تَزِيدَ مُدَّةُ الدَّمَيْنِ عَلَى شَهْرٍ فِي وَجْهٍ، فَلَوْ رَأَتْ عَشَرَةً أَسْوَدَ، ثُمَّ ثَلَاثِينَ أَحْمَرَ، فَحَيْضُهَا زَمَنُ الْأَسْوَدِ، وَفِي آخَرَ: مَتَى زَادَتْ مُدَّتُهُمَا عَلَى شَهْرٍ، بَطَلَتْ دَلَالَةُ التَّمْيِيزِ، وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى الْأَسْوَدِ، فَإِنْ نَقَصَ التَّمْيِيزُ عَنِ الْأَكْثَرِ، فَطُهْرُهَا بَعْدَهُ إِلَى الْأَكْثَرِ مَشْكُوكٌ فِيهِ، تَفْعَلُ فِيهِ كَالْمُعْتَادِ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهَا.
وَهَلْ يُبَاحُ وَطْؤُهَا؛ فِيهِ رِوَايَتَانِ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ طُهْرٌ، بِيَقِينٍ فَإِنْ

1 / 243