المبدع في شرح المقنع
محقق
محمد حسن محمد حسن إسماعيل الشافعي
الناشر
دار الكتب العلمية
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٧ هجري
مكان النشر
بيروت
تصانيف
الفقه الحنبلي
وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِجَمِيعِ الْأَحْدَاثِ، وَلِلنَّجَاسَةِ عَلَى جُرْحٍ يَضُرُّهُ إِزَالَتُهَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالْمُلَامَسَةُ الْجِمَاعُ، وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى رَجُلًا مُعْتَزِلًا، لَمْ يُصَلِّ مَعَ الْقَوْمِ، فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ؛ فَقَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، وَلَا مَاءَ فَقَالَ: عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالْحَائِضُ إِذَا انْقَطَعَ دَمُهَا كَالْجُنُبِ، وَأَمَّا الْأَصْغَرُ فَبِالْإِجْمَاعِ، وَسَنَدُهُ ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ [النساء: ٤٣] وَقَوْلُهُ ﵇: «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ» .
وَلِأَنَّهُ إِذَا جَازَ لِلْجُنُبِ جَازَ لَهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى (وَلِلنَّجَاسَةِ عَلَى جُرْحٍ يَضُرُّهُ إِزَالَتُهَا) أَيْ: يَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِلنَّجَاسَةِ عَلَى بَدَنِهِ إِذَا عَجَزَ عَنْ غَسْلِهَا، لِخَوْفِ الضَّرَرِ، أَوْ عَدَمِ الْمَاءِ فِي الْمَنْصُوصِ، لِعُمُومِ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ، وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ فِي الْبَدَنِ تُرَادُ لِلصَّلَاةِ، أَشْبَهَتِ الْحَدَثَ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِنَجَاسَةٍ أَصْلًا. اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَابْنُ عَقِيلٍ، لِأَنَّ طَهَارَةَ الْحَدَثِ يَسْرِي مَنْعُهَا، كَمَا لَوِ اغْتَسَلَ الْجُنُبُ إِلَّا ظُفْرًا، لَمْ يَجُزْ لَهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، لِأَنَّ الشَّرْعَ إِنَّمَا وَرَدَ بِالتَّيَمُّمِ لِلْحَدَثِ، وَغَسْلُ النَّجَاسَةِ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ، لِأَنَّ الْغَسْلَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي مَحَلِّ النَّجَاسَةِ دُونَ غَيْرِهِ، فَعَلَى هَذَا يُصَلِّي عَلَى حَسَبِ حَالِهِ، وَفِي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ لِنَجَاسَةِ ثَوْبِهِ كَالْمَكَانِ، صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، لِأَنَّ الْبَدَنَ لَهُ مَدْخَلٌ فِي التَّيَمُّمِ لِأَجْلِ الْحَدَثِ، فَدَخَلَ فِيهِ التَّيَمُّمُ لِأَجْلِ النَّجَسِ، وَهُوَ مَعْدُومٌ فِيهِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ إِنْ جَازَ أَسْفَلَ الْخُفِّ، وَكَذَا لَا يَتَيَمَّمُ لِنَجَاسَةِ اسْتِحَاضَةٍ يَتَعَذَّرُ إِزَالَتُهَا، وَلَا لِنَجَاسَةٍ يُعْفَى عَنْهَا.
وَلَا تَجِبُ نِيَّةُ التَّيَمُّمِ لَهَا كَغَسْلِهَا، وَكَالِاسْتِجْمَارِ، وَفِيهِ وَجْهٌ: يَجِبُ، لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ حُكْمِيَّةٌ بِخِلَافِ غَسْلِ النَّجَاسَةِ، وَإِنِ اجْتَمَعَ مَعَهَا حَدَثٌ، فَهَلْ يَحْتَاجُ إِلَى تَيَمُّمَيْنِ؛
1 / 188