المبدع في شرح المقنع
محقق
محمد حسن محمد حسن إسماعيل الشافعي
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٧ هجري
مكان النشر
بيروت
تصانيف
الفقه الحنبلي
عَلَى وَجْهَيْنِ. وَمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ لَزِمَهُ طَلَبُهُ فِي رَحْلِهِ وَمَا قَرُبَ مِنْهُ، فَإِنْ دُلَّ عَلَيْهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الشَّرْطِ فَلَزِمَهُ، كَالسُّتْرَةِ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ قَبْلَ التَّيَمُّمِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِيَتَحَقَّقَ الْعَدَمُ الَّذِي هُوَ شَرْطُ التَّيَمُّمِ، وَلِيَتَمَيَّزَ الْمَغْسُولُ عَنْ غَيْرِهِ، لِيَعْلَمَ مَا يَتَيَمَّمُ لَهُ، وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ مُطْلَقًا كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، فَعَلَى هَذَا يَتَيَمَّمُ، وَفِي وُجُوبِ إِرَاقَتِهِ قَبْلَ التَّيَمُّمِ رِوَايَتَانِ، قَالَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: فَلَوْ وَجَدَ الْجُنُبُ مَاءً يَكْفِي أَعْضَاءَ الْحَدَثِ، زَادَ فِي " الرِّعَايَةِ " وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ صَلَاةِ الْفَرْضِ، غَسَلَهَا بِنِيَّةِ الْحَدَثَيْنِ جَمِيعًا، وَتَيَمَّمَ لِلْبَاقِي، فَتَحْصُلُ لَهُ الصُّغْرَى، وَبَعْضُ الْكُبْرَى كَمَا فَعَلَ عُمَرُ ﵁.
(وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا فَهَلْ يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ) أَصَحُّهُمَا يَلْزَمُهُ كَالْجُنُبِ، وَالثَّانِي: لَا، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ، وَقِيلَ: يَسْتَعْمِلُهُ، وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهَا، صَحَّحَهَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَاخْتَارَ ابْنُ حَمْدَانَ أَنَّ الْخِلَافَ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَصِحُّ كُلُّ عُضْوٍ بِنِيَّةٍ؛ وَعَلَى الْأَوَّلِ: إِنْ كَانَ يَكْفِي بَعْضَ عُضْوٍ، فَوَجْهَانِ.
(وَمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ لَزِمَهُ طَلَبُهُ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ [النساء: ٤٣]، وَلَا يُقَالُ: لَمْ يَجِدْ إِلَّا لِمَنْ طَلَبَ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ بِقُرْبِهِ مَاءً لَا يَعْلَمُهُ، وَلَا يَرِدُ قَوْله تَعَالَى ﴿فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا﴾ [الأعراف: ٤٤]، لِانْتِفَاءِ الطَّلَبِ مِنْهُمْ، وَكَذَا قَوْلُهُ ﵇: «مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً» لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي جَانِبِ النَّفْيِ لَا الْإِثْبَاتِ فَيُنْتَقَضُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ﴾ [الأعراف: ١٠٢] لِاسْتِحَالَةِ الطَّلَبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَجَوَابُهُ أَنَّهُ يُقَالُ: طَلَبَ مِنْهُمُ الثَّبَاتَ عَلَى الْعَهْدِ، وَلِأَنَّهُ بَدَلٌ، فَلَمْ يَجُزِ الْعُدُولُ إِلَيْهِ إِلَّا عِنْدَ عَدَمِ مُبْدَلِهِ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ، كَالصِّيَامِ مَعَ الرَّقَبَةِ فِي الْكُفَّارِ، وَمَعَ الْهَدْيِ فِي الْحَجِّ، وَالْقِيَاسِ مَعَ النَّصِّ، وَالْمَيْتَةِ مَعَ الْمُذَكَّى، وَلِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلصَّلَاةِ يَخْتَصُّ بِهَا، فَلَزِمَهُ الِاجْتِهَادُ فِي طَلَبِهِ عِنْدَ الْإِعْوَازِ كَالْقِبْلَةِ.
١ -
ثُمَّ بَيَّنَ صِفَةَ الطَّلَبِ فَقَالَ (فِي رَحْلِهِ) أَيْ: فِي مَسْكَنِهِ، وَمَا يَسْتَصْحِبُهُ مِنَ
1 / 185