المبدع في شرح المقنع
محقق
محمد حسن محمد حسن إسماعيل الشافعي
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٧ هجري
مكان النشر
بيروت
تصانيف
الفقه الحنبلي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْقِلَّةِ أَمْوَاهٌ، وَفِي الْكَثْرَةِ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ مِيَاهٌ، وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ مِيَاهٌ جَمْعُ قِلَّةٍ أَيْضًا، وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ، وَإِنَّمَا جُمِعَ لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ (وَهِيَ) أَيِ: الْمِيَاهُ (عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ) لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَجُوزَ الْوُضُوءُ بِهِ أَوْ لَا، فَإِنْ جَازَ فَهُوَ الطَّهُورُ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَجُوزَ شُرْبُهُ أَوْ لَا، فَإِنْ جَازَ فَهُوَ الطَّاهِرُ، وَإِلَّا فَهُوَ النَّجِسُ، أَوْ نَقُولُ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا فِي اسْتِعْمَالِهِ أَوْ لَا. الثَّانِي: النَّجِسُ، وَالْأَوَّلُ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُطَهِّرًا لِغَيْرِهِ أَوْ لَا، وَالْأَوَّلُ: الطَّهُورُ، وَالثَّانِي: الطَّاهِرُ، وَطَرِيقَةُ الْخِرَقِيِّ، وَصَاحِبِ " التَّلْخِيصِ " أَنَّ الْمَاءَ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ: طَاهِرٍ، وَهُوَ قِسْمَانِ: طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ، وَطَاهِرٌ غَيْرُ مُطَهِّرٍ، وَنَجِسٍ.
وَطَرِيقَةُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ: أَنَّهُ يَنْقَسِمُ إِلَى طَاهِرٍ وَنَجِسٍ، وَقَالَ: إِثْبَاتُ قِسْمٍ طَاهِرٍ غَيْرِ مُطَهِّرٍ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ أَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ، وَزَادَ: " الْمَشْكُوكُ فِيهِ "، (مَاءٌ طَهُورٌ) قَدَّمَهُ عَلَى قِسْمَيْهِ لِمَزِيَّتِهِ بِالصِّفَتَيْنِ، وَالطُّهُورُ بِضَمِّ الطَّاءِ الْمَصْدَرُ، وَقَالَ الْيَزِيدِيُّ: وَبِفَتْحِهَا: هُوَ الطَّاهِرُ فِي ذَاتِهِ، الْمُطَهِّرُ غَيْرَهُ، مِثْلُ الْغَسُولِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ، فَعَلَى هَذَا هُوَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْمُتَعَدِّيَةِ وِفَاقًا لِمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَابْنُ دَاوُدَ: هُوَ مِنَ الْأَسْمَاءِ اللَّازِمَةِ بِمَعْنَى الطَّاهِرِ سَوَاءً، لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تُفَرِّقُ بَيْنَ فَاعِلٍ وَفَعُولٍ فِي التَّعَدِّي وَاللُّزُومِ كَقَاعِدٍ وَقَعُودٍ، وَإِذَا كَانَ الطَّاهِرُ غَيْرَ مُتَعَدٍّ فَالطَّهُورُ كَذَلِكَ، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ الطَّهُورُ مُتَعَدِّيًا لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ هَذَا الْإِطْلَاقُ حَقِيقَةً إِلَّا بَعْدَ وُجُودِ التَّطْهِيرِ كَقَتُولٍ وَضَرُوبٍ، وَجَوَابُهُ قَوْله تَعَالَى ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ [الأنفال: ١١]، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» .
وَلَوْ أَرَادَ بِهِ الطَّاهِرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَزِيَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ طَاهِرٌ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ، وَرَوَى مَالِكٌ، وَالْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ عَنِ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ: هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ» .
وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الطَّهُورُ مُتَعَدِّيًا بِمَعْنَى
1 / 22