150

معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين وكاتب وحي النبي الأمين ﷺ كشف شبهات ورد مفتريات

الناشر

دار الخلفاء الراشدين - الإسكندرية،مكتبة الأصولي - دمنهور

مكان النشر

مكتبة دار العلوم - البحيرة (مصر)

تصانيف

وأجرًا، ورحمة، وذلك كقوله: (عَقْرَى حَلْقَى (١)، وثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وتَرِبَتْ يَمِينُك، ولَا كَبِرَ سِنُّكِ)، فقد أورد في صحيحه عدّة أحاديث:
أحدها هذا الحديث.
وقبله حديث أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ﵁ قَالَ: كَانَتْ عِنْدَ أُمِّ سُلَيْمٍ يَتِيمَةٌ وَهِيَ أُمُّ أَنَسٍ فَرَأَى رَسُولُ اللهِ ﵌ الْيَتِيمَةَ فَقَالَ: «آنْتِ هِيَهْ لَقَدْ كَبِرْتِ، لَا كَبِرَ سِنُّكِ».
فَرَجَعَتْ الْيَتِيمَةُ إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ تَبْكِي؛ فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: «مَا لَكِ يَا بُنَيَّةُ؟».
قَالَتْ الْجَارِيَةُ: دَعَا عَلَيَّ نَبِيُّ اللهِ ﵌ أَنْ لَا يَكْبَرَ سِنِّي فَالْآنَ لَا يَكْبَرُ سِنِّي أَبَدًا - أَوْ قَالَتْ قَرْنِي.
فَخَرَجَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مُسْتَعْجِلَةً تَلُوثُ خِمَارَهَا (٢) حَتَّى لَقِيَتْ رَسُولَ اللهِ ﵌ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ ﵌: «مَا لَكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ».
فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ أَدَعَوْتَ عَلَى يَتِيمَتِي؟
قَالَ: «وَمَا ذَاكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ؟».
قَالَتْ: زَعَمَتْ أَنَّكَ دَعَوْتَ أَنْ لَا يَكْبَرَ سِنُّهَا وَلَا يَكْبَرَ قَرْنُهَا.
قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ ﵌ ثُمَّ قَالَ: «يَا أُمَّ سُلَيْمٍ أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ شَرْطِي عَلَى رَبِّي أَنِّي اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا وَزَكَاةً وَقُرْبَةً يُقَرِّبُهُ بِهَا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

(١) مَعْنَى (عَقْرَى) عَقَرَهَا اللهُ تَعَالَى، وَ(حَلْقَى) حَلَقَهَا اللهُ. يَعْنِي عَقَرَ اللهُ جَسَدهَا وَأَصَابَهَا بِوَجَعٍ فِي حَلْقهَا.
وَقِيلَ: يُقَال لِلْمَرْأَةِ عَقْرَى حَلْقَى مَعْنَاهُ عَقَرَهَا اللهُ، وَحَلَقَهَا أَيْ حَلَقَ شَعْرهَا أَوْ أَصَابَهَا بِوَجَعٍ فِي حَلْقهَا.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ جَعَلَهَا اللَّه عَاقِرًا لَا تَلِد، وَحَلْقَى مَشْئُومَة عَلَى أَهْلهَا. وَعَلَى كُلّ قَوْل فَهِيَ كَلِمَة كَانَ أَصْلهَا مَا ذَكَرْنَاهُ، ثُمَّ اِتَّسَعَتْ الْعَرَب فِيهَا فَصَارَتْ تُطْلِقهَا وَلَا تُرِيد حَقِيقَة مَا وُضِعَتْ لَهُ أَوَّلًا، وَنَظِيره تَرِبَتْ يَدَاهُ، وَقَاتَلَهُ اللَّه مَا أَشْجَعه وَمَا أَشْعَره. وَاَللَّه أَعْلَم. (باختصار من شرح صحيح مسلم للنووي).
(٢) تَلُوث خِمَارهَا: أَيْ تُدِيرهُ عَلَى رَأْسِهَا.

1 / 161