معاجم مفردات القرآن (موازنات ومقترحات)
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على معلم الناس الخير، سيدنا ومولانا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن سار على دربه ونهج نهجه، واقتفى أثره وبعد:
فلقد حظي القرآن الكريم بعناية علماء الأمة – خلال العصور- وما زالت هذه العناية تترى، وستبقى بإذن الله – حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ومن أبرز مظاهر هذه العناية تلك المؤلفات العظيمة حول القرآن وعلومه وتفسيره، ولا عجب في ذلك، فالقرآن كتاب هذه الأمة، ومحور عظمتها، وسرّ خلودها، فقد جعله الله هداية لها في كل شؤون حياتها، وأودعه من التوجيهات والأحكام ما يحقق لها النجاح في الدنيا والفوز في الآخرة.
ولما كان مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة يزمع عقد ندوة عن " عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم وعلومه " وقد وجه إلي الدعوة للمشاركة في هذه الندوة واقترح عليّ تقديم بحث في المحور الرابع – الموضوع الأول – والمتعلق بمعاجم معاني ألفاظ القرآن – وقد وجد هذا الموضوع هوى في النفس ورغبة كامنة جامحة، فسارعت إلى الإجابة بالموافقة، واخترت عنوانًا لبحثي:
معاجم مفردات القرآن: موازنات ومقترحات
وجعلت خطته كما يلي:
- تمهيد يتضمن لمحة تاريخية عن التأليف في معاني القرآن وغريبة قبل الراغب الأصفهاني.
1 / 1
- مفردات الراغب مَعْلَم بارز في معاجم المفردات القرآنية.
- مميزات مفردات الراغب.
- مكملات مفردات الراغب.
* موازنات بين مفرد الراغب والمعاجم التي جاءت من بعده وقد اخترت أربعة منها لأهميتها وشهرتها:
- عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ للسمين الحلبي.
- بصائر ذوي التمييز للفيروز آبادي.
- مفردات القرآن للفراهي الهندي.
- معجم ألفاظ القرآن لمجمع اللغة العربية بالقاهرة.
- ملاحظات على المعاجم السابقة.
- مقترحات.
- خاتمة.
وختامًا أرجو أن يكون هذا البحث قد حقق الغرض المطلوب وأن يكون وافيًا بالمقصود
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
1 / 2
لمحة تاريخية عن التأليف في معاني القرآن وغريبه قبل الراغب الأصفهاني
يعود التأليف في معاني القرآن وغريبه إلى مرحلة مبكرة من تاريخ الإسلام، وأول ما عرف من ذلك ما روي عن ابن عباس في ما يسمى بإجاباته عن المسائل التي سأله عنها نافع بن الأزرق، وكان يستشهد على تلك المعاني بأبيات من الشعر بعد أن يقول له نافع: " وهل تعرف العرب ذلك؟ " كذلك ما روي عن ابن عباس من رواية علي بن أبي طلحة، وما روي عنه بتهذيب عطاء بن أبي رباح المتوفي سنة ١١٤هـ ثم تتابع التأليف في معاني القرآن وغريبه على النحو التالي:
- تفسير غريب القرآن للإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الفقيه المفسر المتوفى سنة ١٢٢هـ.
- معاني القرآن لواصل بن عطاء البصري – أحد شيوخ المعتزلة – المتوفى سنة ١٣١هـ.
- معاني القرآن لأبان بن تغلب الإمام المقرئ من أهل الكوفة، والمتوفى سنة ١٤١هـ.
- غريب القرآن لمحمد بن السائب بن بشر أبو النضر المفسر الكوفي والمتوفى سنة ١٤٦هـ.
- الأشباه والنظائر لمقاتل بن سليمان البلخي المتوفى سنة ١٥٠هـ.
- معاني القرآن للرؤاسي أبو جعفر محمد بن الحسن بن أبي سارة المقرئ النحوي المتوفى سنة ١٧٠هـ.
1 / 3
- معاني القرآن ليونس بن حبيب الضبي البصري النحوي المتوفى سنة ١٨٢هـ.
- معاني القرآن للكسائي علي بن حمزة بن عبد الله الأسدي الكوفي أحد القراء السبعة المتوفى سنة ١٨٩هـ.
- معاني القرآن لأبي فيد مؤرج بن عمرو بن منيع السدوسي – إمام في النحو والعربية – المتوفى سنة ١٩٥هـ.
- غريب القرآن ليحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي اليزيدي البصري المتوفى سنة ٢٠٢هـ.
- غريب القرآن للنضر بن شميل بن خرشة بن يزيد بن كلثوم البصري النحوي الفقيه المتوفى سنة ٢٠٣هـ وقيل ٢٠٤هـ.
- معاني القرآن لمحمد بن المستنير بن أحمد البصري النحوي اللغوي المعروف بقطرب والمتوفى سنة ٢٠٦هـ.
- معاني القرآن للفراء – يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور أبو زكريا النحوي اللغوي المتوفى سنة ٢٠٧هـ.
- مجاز القرآن لأبي عبيدة معمربن المثنى البصري النحوي اللغوي والمتوفى سنة ٢١٠هـ.
- معاني القرآن للأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة النحوي المتوفى سنة ٢١٥هـ.
- غريب القرآن للأصمعي عبد الملك بن قريب الباهلي أبو سعيد، توفي عام ٢١٦هـ.
- معاني القرآن لأبي عبيد القاسم بن سلام النحوي الأديب الفقيه المتوفى سنة ٢٢٣، وقيل ٢٢٤هـ.
1 / 4
- غريب القرآن لمحمد بن سلام بن عبيد الله الجمحي البصري المتوفى سنة ٢٣١هـ وقيل ٢٣٢هـ.
- غريب القرآن لعبد الله بن يحيى بن المبارك العدوي البغدادي المعروف باليزيدي والمتوفي سنة ٢٣٧هـ.
- غريب القرآن لمحمد بن عبد الله بن قادم الكوفي أبو جعفر المتوفى سنة ٢٥١هـ.
- غريب القرآن لمحمد بن دينار الأحول الكوفي أبو العباس المتوفى سنة ٢٥٩هـ
- تفسير غريب القرآن لابن قتيبة عبد الله بن مسلم الدينوري اللغوي النحوي المتوفى سنة ٢٧٦هـ.
- معاني القرآن وإعرابه لإسماعيل بن إسحاق الجهضمي الأزدي الفقيه المالكي المتوفى سنة ٢٨٢هـ.
- معاني القرآن للمبرد محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي العالم بالعربية المتوفى سنة ٢٨٦هـ.
- غريب القرآن لأبي جعفر أحمد بن رستم الطبري المقرئ، المتوفى النصف الثاني من القرن الثالث الهجري.
- ضياء القلوب للمفضل بن سلمة بن عاصم الضبي الكوفي المتوفى سنة ٢٩٠هـ.
- معاني القرآن لثعلب أحمد بن يحيى بن زيد الشيباني المتوفى سنة ٢٩١هـ.
- سراج الهدى لإبراهيم بن محمد الشيباني المتوفى سنة ٢٩٨هـ.
- معاني القرآن لابن كيسان محمد بن أحمد بن إبراهيم أبو الحسن المتوفى سنة ٢٩٩هـ.
1 / 5
- غريب القرآن لمحمد بن جرير بن يزيد الطبري أبو جعفر الإمام المفسر المؤرخ المتوفى ٣١٠هـ.
- معاني القرآن لسلمة بن عاصم أبي محمد النحوي اللغوي المتوفى سنة ٣١٠هـ.
- غريب القرآن وتفسيره لمحمد بن العباس بن محمد بن يحيى اليزيدي المتوفى سنة ٣١٠هـ.
- معاني القرآن وإعرابه للزجاج- إبراهيم بن السري بن سهل أبو إسحاق المتوفى سنة ٣١١هـ.
- معاني القرآن لأبي بكر بن محمد بن عثمان الجعد الشيباني النحوي المتوفى حوالي ٣١١هـ.
- معاني القرآن للأخفش الصغير أبو الحسن علي بن سليمان المتوفى سنة ٣١٥هـ.
- معاني القرآن لابن الخياط أبو بكر محمد بن أحمد بن منصور المتوفى سنة ٣٢٠هـ.
- غريب القرآن لأحمد بن سهل البلخي أبو زيد – المتوفى سنة ٣٢٢هـ.
- غريب القرآن لإبراهيم بن محمد بن عرفة أبو عبد الله الملقب بـ " نفطويه " المتوفى سنة ٣٢٣هـ.
- معاني القرآن للخزاز – أبو الحسن عبد الله بن محمد بن سفيان النحوي المتوفى سنة ٣٢٥هـ.
- معاني القرآن لابن الأنباري أبو بكر محمد بن القاسم المتوفى سنة ٣٢٨هـ.
1 / 6
- نزهة القلوب في تفسير غريب القرآن لمحمد بن عُزَيز العزيزي السجستاني أبو بكر المتوفى سنة ٣٣٠هـ.
- معاني القرآن وتفسيره ومشكله لأبي الحسن علي بن عيسى بن داود بن الجراح الوزير المتوفى سنة ٣٣٤هـ.
- معاني القرآن للنحاس أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل المرادي المتوفى سنة ٣٣٨هـ.
- ياقوتة الصراط لأبي عمرو محمد بن عبد الواحد المعروف بالزاهد-غلام ثعلب – المتوفى سنة ٣٤٥هـ.
- الرد على الفراء في المعاني لابن درستويه – أبو محمد عبد الله بن جعفر بن المرزبان النحوي المتوفى سنة ٣٤٧هـ.
- غريب القرآن لأحمد بن كامل بن خلف أبو بكر المتوفى سنة ٣٥٠هـ.
- الإشارة في غريب القرآن لمحمد بن الحسن بن محمد بن زياد بن هارون أبو بكر النقاش المتوفى سنة ٣٥١هـ.
- الموضح في معاني القرآن لمحمد بن الحسن بن محمد بن زياد بن هارون أبو بكر النقاش المتوفى سنة ٣٥١هـ.
- رياضة الألسنة في إعراب القرآن ومعانيه لأبي بكر محمد بن عبد الله بن أشته الأصفهاني المتوفى سنة ٣٦٠هـ.
- الإغفال في ما أغفله الزجاج من المعاني لأبي علي الحسن بن أحمد الفارسي المتوفى سنة ٣٧٧هـ.
- كتاب الغريبين للهروي أبي عبيد أحمد بن محمد المتوفى سنة ٤٠١هـ.
1 / 7
- غريب القرآن لأبي علي أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي المتوفى سنة ٤٢١هـ.
- تفسير المشكل من غريب القرآن لأبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي المتوفى سنة ٤٣٧هـ.
- كتاب " القرطين " لمحمد بن أحمد بن مطرف الكناني أبو عبد الله المتوفى سنة ٤٥٤هـ.
- غريب القرآن لأبي عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي المتوفى سنة ٤٦٣هـ.
وبعد هذه المؤلفات في غريب القرآن ومعانيه والتي بلغت نحوًا من ستين مؤلفًا – يأتي كتاب المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني. والملاحظ على الكتب السابقة أنها رتبت حسب السور القرآنية باستثناء كتاب " نزهة القلوب " للسجستاني الذي رتب ترتيبًا ألفبائيًا معجميًا وهو المنحى الذي نحاه الراغب في كتابه المفردات. وعلى الرغم من أن السجستاني قضى في تأليف كتابه نحوًا من خمسة عشر عامًا إلا أن الفرق بينه وبين مفردات الراغب فرق كبير ومن ثم كان الراغب معلمًا واضحًا في سلسلة التأليف في مفردات القرآن وغريبه، وهذا ما جعل كتابه موضع ثناء العلماء وما يزال كتاب الراغب يحتفظ بألقه وبريقه على الرغم من أنه مضى على تأليفه قرابة ألف عام ولم تستطع الكتب التي جاءت من بعده أن تنتزع منه مكانته ووقوعه موقع القبول لدى عامة العلماء والمتخصصين في الدراسات القرآنية والعربية.
1 / 8
مفردات الراغب معلم بارز في معاجم المفردات القرآنية
يكاد يجمع علماء الأمة وأعلامها على أن كتاب " مفردات ألفاظ القرآن " للراغب الأصفهاني يأتي في المرتبة الأولى من الكتب الكثيرة المؤلفة في هذا الموضوع، فليس هناك مؤلف في علوم القرآن، أو دارس أو مفسر أو كاتب – بعد الراغب الأصفهاني – إلا ويشعر بالإجلال والإعجاب لهذا العمل العظيم الذي يعتبر بحق نقلة كبيرة في ميدانه، ومنعطفًا هامًا في تاريخ معاجم المفردات القرآنية.
ومن ثم فلابد لنا من نظرة متأنية في استكشاف مزايا هذا المعجم، التي جعلته يحظى بالقبول – عند علماء الأمة – على اختلاف تخصصاتهم وتنوع مشاربهم – والحقيقة أن ميزات هذا الكتاب أكبر من أن يحاط بها بمثل هذا البحث الوجيز وبناء على هذا فسنحاول أن نذكر أهم هذه المزايا التي يحتملها هذا البحث، راجين أن تسعفنا الأيام بدراسة شاملة مستوعبة يستحقها هذا الكتاب.
1 / 9
ميزات مفردات الراغب:
كشف جذر الكلمة:
والمراد به: جذر المعنى الذي تلتقي عنده جميع معانيها، وأغلب الظن أنه متأثر في هذا بما فعله ابن فارس في "معجم مقاييس اللغة" حيث يحاول ابن فارس رَجْعَ الكلمة إلى أصل واحد ما أمكنه ذلك، فإن لم يستطع رَجَعَها إلى أصلين، فإن أعياه ذلك رَجَعَها إلى ثلاثة أصول.
- ففي مادة " برّ" يقول الراغب: البَر: خلاف البحر، وتصُوِّر منه التوسع. فاشتق منه " البر " أي: التوسع في فعل الخير. ثم يقول: "والبُرُّ"معروف، وتسميته بذلك لكونه أوسع ما يحتاج إليه في الغذاء" وهكذا يكون " التوسع " هو الجذر الذي يجمع بين المعاني. ولا يقف الراغب عند هذا، وإنما يحاول درك هذا في نسبة الكلمة وإضافاتها، فيرى أن " البر " ينسب إلى الله تعالى تارة نحو ﴿إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ﴾ وإلى العبد تارة، فيقال: "بر العبد ربه " أي: توسع في طاعته، فمن الله تعالى الثواب. ومن العبد الطاعة، وهو يريد بذلك أن التوسع في الثواب من الله مقابل التوسع في الطاعة من العبد – فهو لايزال يلمح معنى السعة ثم يقول: وبر الوالدين: التوسع في الإحسان إليهما، وضده: العقوق إلى أن يقول: ويستعمل " البر" في الصدق لكونه بعض الخير المتوسع فيه، يقال: برَّ في قوله، وبرَّ في يمينه.
1 / 10
وهكذا نرى تتبعه لتصريفات الكلمة وإضافاتها وهو يلمح فيها دائمًا فكرة التوسع الذي هو أصل المعنى وجذره وبذلك يعطى القارئ، ما هو بحاجة إليه في فقه اللغة وأسرار الاشتقاق، ويتدرج به صعدًا في فهم العربية، والوقوف على تصاريفها، مما يؤهله للتعامل مع سر الكلمة في الكتاب المعجز وتذوق حلاوتها وإدراك دلالاتها وإيحاءاتها.
تتبع المعاني المستعارة: يبدأ الراغب عادة كلامه على المعنى الأصلي، ثم يتتبع المعاني المستعارة منه، وهو بذلك يأخذ بيد القارئ إلى تتبع تسلسل المعاني وانتقال بعضها عن بعض، ويمكن أن نلحظ ذلك في المثال التالي: - كلمة " ريش " – يقول فيها الراغب: ريش الطائر معروف، وقد يُخَصُّ بالجناح من بين سائره، ولكون الريش للطائر كالثياب للإنسان استعير للثياب. قال تعالى ﴿وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى﴾ وقيل: إبلًا بريشها – أي ما عليها من الثياب والآلات – ورِشْتُ السهم أريشه رَيْشًا فهو مَريش: جعلت عليه الريش، واستعير لإصلاح الأمر، فقيل: رِشْت فلانًا فارتاش أي: حَسُنَ حاله ".
تحرّي المعاني الصحيحة: قد يصدر عن الأنبياء بعض الأقوال التي يمكن تفسيرها على غير وجهها بما لا يتفق مع عصمة النبي، وفي مثل هذه الحال، يحرص الراغب على تحري معنى
تتبع المعاني المستعارة: يبدأ الراغب عادة كلامه على المعنى الأصلي، ثم يتتبع المعاني المستعارة منه، وهو بذلك يأخذ بيد القارئ إلى تتبع تسلسل المعاني وانتقال بعضها عن بعض، ويمكن أن نلحظ ذلك في المثال التالي: - كلمة " ريش " – يقول فيها الراغب: ريش الطائر معروف، وقد يُخَصُّ بالجناح من بين سائره، ولكون الريش للطائر كالثياب للإنسان استعير للثياب. قال تعالى ﴿وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى﴾ وقيل: إبلًا بريشها – أي ما عليها من الثياب والآلات – ورِشْتُ السهم أريشه رَيْشًا فهو مَريش: جعلت عليه الريش، واستعير لإصلاح الأمر، فقيل: رِشْت فلانًا فارتاش أي: حَسُنَ حاله ".
تحرّي المعاني الصحيحة: قد يصدر عن الأنبياء بعض الأقوال التي يمكن تفسيرها على غير وجهها بما لا يتفق مع عصمة النبي، وفي مثل هذه الحال، يحرص الراغب على تحري معنى
1 / 11
صحيح يليق بعصمة النبي، وقد يعرض في ذلك معاني متعددة كما في المثال التالي:
- كلمة " سقم ": يقول فيها الراغب: السَّقْمُ والسُّقْمُ: المرض المختص بالبدن، والمرض قد يكون في البدن وفي النفس، نحو ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ وقوله تعالى: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾
فمن التعريض أو الإشارة إلى ماض، وإما إلى مستقبل، وإما إلى قليل مما هو موجود في الحال، إذ كان الإنسان لا ينفك من خلل يعتريه وإن كان لايحس به..".
وهكذا يتبين لنا وجوه من المعاني الصحيحة يمكن حمل الآية على أحدها بما لا يتعارض مع عصمة النبي.
الكلمات الجامعة لمعنيين: كثيرًا ما نرى بعض العلماء يطلقون على بعض الكلمات أنها من الأضداد، بمعنى أنها تطلق على المعنى وضده، كما هو الحال في كلمة "القُرء" حيث تطلق على كل من الطهر والحيض، ونجد عند الراغب تعليلًا لذلك حينما يقول: " والقُرءُ – في الحقيقة: اسم للدخول في الحيض عن طهر ولما كان اسمًا جامعًا للأمرين: الطهر والحيض المتعقب له، أطلِق على كل واحد منهما، لأن كل اسمٍ موضوع لمعنيين معًا يطلق على كل واحد منهما إذا انفرد، كالمائدة: للخوان وللطعام، ثم قد يسمى كل واحد منهما بانفراده به، وليس القرء اسمًا للطهر مجردًا، ولا للحيض مجردًا بدلالة أن الطاهر التي لم
الكلمات الجامعة لمعنيين: كثيرًا ما نرى بعض العلماء يطلقون على بعض الكلمات أنها من الأضداد، بمعنى أنها تطلق على المعنى وضده، كما هو الحال في كلمة "القُرء" حيث تطلق على كل من الطهر والحيض، ونجد عند الراغب تعليلًا لذلك حينما يقول: " والقُرءُ – في الحقيقة: اسم للدخول في الحيض عن طهر ولما كان اسمًا جامعًا للأمرين: الطهر والحيض المتعقب له، أطلِق على كل واحد منهما، لأن كل اسمٍ موضوع لمعنيين معًا يطلق على كل واحد منهما إذا انفرد، كالمائدة: للخوان وللطعام، ثم قد يسمى كل واحد منهما بانفراده به، وليس القرء اسمًا للطهر مجردًا، ولا للحيض مجردًا بدلالة أن الطاهر التي لم
1 / 12
تر أثر الدم لا يقال لها ذات قرء، وكذا الحائض التي استمر بها الدم لا يقال لها ذلك..".
ومثل ذلك أيضًا كلمة " القرية " حيث يقول فيها الراغب: اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس وللناس جميعًا، ويستعمل في كل واحد منهما، قال تعالى: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ قال كثير من المفسرين معناه: أهل القرية. وقال بعضهم بل القرية – ههنا – "القوم أنفسهم.."
وبناءً على هذا لا يحتاج إلى القول بالمجاز – على حذف المضاف – لأن المعنى الذي يراه البعض مجازًا يكون حقيقيًا بناءً على أن القرية تطلق على المكان والسكان معًا في أصل المعنى اللغوي، وتبقى القرينة هي الكفيلة بترجيح أحد المعنيين.
نفي معان موهومة: ربما يخطر ببال القارئ في بعض الأحيان معانٍ تتبادر إلى الذهن، ويكون المعنى على غير هذا المتبادر، وفي مثل هذه الحال يحرص الراغب على نفي تلك المعاني ويبين المعنى اللائق باللفظ، وذلك كما ورد تحت مادة " خوف " حيث ذكر فيها الراغب: "والخوف من الله: لا يراد به ما يخطر بالبال من الرعب، كاستشعار الخوف من الأسد، بل إنما يراد به الكف عن المعاصي وتحري الطاعات.. والتخويف من الله تعالى: الحث على التحرز وقال: ﴿وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي﴾ [مريم ٥] . فخوفه منهم ألا يراعوا الشريعة، ولا يحفظوا نظام
نفي معان موهومة: ربما يخطر ببال القارئ في بعض الأحيان معانٍ تتبادر إلى الذهن، ويكون المعنى على غير هذا المتبادر، وفي مثل هذه الحال يحرص الراغب على نفي تلك المعاني ويبين المعنى اللائق باللفظ، وذلك كما ورد تحت مادة " خوف " حيث ذكر فيها الراغب: "والخوف من الله: لا يراد به ما يخطر بالبال من الرعب، كاستشعار الخوف من الأسد، بل إنما يراد به الكف عن المعاصي وتحري الطاعات.. والتخويف من الله تعالى: الحث على التحرز وقال: ﴿وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي﴾ [مريم ٥] . فخوفه منهم ألا يراعوا الشريعة، ولا يحفظوا نظام
1 / 13
الدين لا أن يرثوا ماله – كما ظنه بعض الجهلة – فالقِنْيات الدنيوية أخسّ عند الأنبياء – ﵈ من أن يشفقوا عليها"
تعريفات جامعة كثيرًا ما يعمد الراغب إلى التعريفات الجامعة التي تنطوي على معان متعددة، وبذلك يضم المتفرقات ويوحد بين المختلفات وذلك كما في المثالين التاليين: قال في كلمة " أمة ":والأمة كل جماعة يجمعهم أمر ما، إما دين واحد، أو زمان واحد، أو مكان واحد، سواء كان ذلك الأمر الجامع تسخيرًا أو اختيارًا، وهو بذلك يشمل كل أنواع الأمم سواء أكانت من البشر أم الدواب أم الطير. وقال في كلمة"التأويل": التأويل من الأَوْل، أي: الرجوع إلى الأصل، ومنه الموئل للموضع الذي يرجع إليه. ثم عَرَّف التأويل بقوله: " هو ردُّ الشيء إلى الغاية المرادة منه علمًا كان أو فعلًا. وهو بذلك يشمل معاني التأويل الثلاثة: وهي: معنى التفسير، ومعنى: ترك المعنى الظاهر إلى غير الظاهر لقرينة ومعنى " خروج المخبر به من حيز الخبر إلى حيز الواقع إن كان خبرًا، وتحقيق في عالم الواقع إن كان طلبًا، كما يشمل تأويل القول وتأويل الفعل، وذلك كما في قصة موسى مع الرجل الصالح حيث قال له بعد ذلك: ﴿ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا﴾ يريد بذلك تأويل الأفعال التي لم يستطع موسى أن يصبر عليها.
تعريفات جامعة كثيرًا ما يعمد الراغب إلى التعريفات الجامعة التي تنطوي على معان متعددة، وبذلك يضم المتفرقات ويوحد بين المختلفات وذلك كما في المثالين التاليين: قال في كلمة " أمة ":والأمة كل جماعة يجمعهم أمر ما، إما دين واحد، أو زمان واحد، أو مكان واحد، سواء كان ذلك الأمر الجامع تسخيرًا أو اختيارًا، وهو بذلك يشمل كل أنواع الأمم سواء أكانت من البشر أم الدواب أم الطير. وقال في كلمة"التأويل": التأويل من الأَوْل، أي: الرجوع إلى الأصل، ومنه الموئل للموضع الذي يرجع إليه. ثم عَرَّف التأويل بقوله: " هو ردُّ الشيء إلى الغاية المرادة منه علمًا كان أو فعلًا. وهو بذلك يشمل معاني التأويل الثلاثة: وهي: معنى التفسير، ومعنى: ترك المعنى الظاهر إلى غير الظاهر لقرينة ومعنى " خروج المخبر به من حيز الخبر إلى حيز الواقع إن كان خبرًا، وتحقيق في عالم الواقع إن كان طلبًا، كما يشمل تأويل القول وتأويل الفعل، وذلك كما في قصة موسى مع الرجل الصالح حيث قال له بعد ذلك: ﴿ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا﴾ يريد بذلك تأويل الأفعال التي لم يستطع موسى أن يصبر عليها.
1 / 14
قواعد كلية:
كثيرًا ما يورد الراغب أثناء شرحه لبعض الكلمات قواعد كلية استخلصها من تتبع الاستعمال القرآني للكلمة، ويمكن أن نمثل لذلك بما يلي:
- كل موضع ذكر فيه لفظ " تبارك " فهو تنبيه على اختصاصه تعالى بالخيرات (١) .
- كل موضع أثبت الله السمع للمؤمنين، أو نفى عن الكافرين، أو حث على تحريه، فالقصد به إلى تصور المعنى والتفكر فيه (٢) .
- كل موضع مدح الله تعالى بفعل الصلاة أو حث عليه، ذُكِر بلفظ الإقامة (٣) .
وقد يتنازع الراغب في بعض ما أورده في هذه القواعد، وذلك كما في المثال السابق من أن مدح فعل الصلاة لم يرد إلا بلفظ الإقامة، وذلك أن قوله تعالى ﴿إِنَّ الأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا إِلاَّ الْمُصَلِّينَ﴾ هو مدح للمصلين ولم يرد بلفظ الإقامة وإن كان قوله بعد ذلك: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ يشير إلى الإقامة الفعلية ومع ذلك فهو لم يرد بلفظ الإقامة " كما قصد الراغب.
_________
(١) المفردات: ١٢٠.
(٢) المفردات: ٤٢٦.
(٣) المفردات: ٤٩١.
1 / 15
قواعد أكثرية:
وفي بعض الأحيان ينص الراغب على بعض القواعد بأنها الأكثر في الاستعمال لينفي عنها صفة الكلية، وذلك كما في الأمثلة التالية:
- أكثر ما يستعمل"السعي" في الأحوال المحمودة.
- أكثر ما جاء الإمداد في المحبوب والمد في المكروه.
- أكثر ما تستعمل الشفاعة في القرآن في انضمام من هو أعلى مرتبة إلى من هو أدنى.
- أكثر ما ورد "الخوض" في القرآن فيما يُذَمُّ الشروع فيه.
ردود وانتقادات: كثيرًا ما ينقل الراغب أقوال السلف. وهو يحاول – غالبًا الجمع بينها باعتبارات متعددة، باحثًا لها عن تعليل مقبول ولكنه أحيانًا أخرى يقف من بعض الأقوال موقف الناقد البصير المبين لضعفها وتهافتها، كما يرجح في بعض الأحيان قولًا على قول، كل ذلك بالدليل والبرهان، وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك: في مادة "جبر" يقول الراغب "فأما في وصفه تعالى نحو " العزيز الجبار المتكبر " فقد قيل سمي بذلك من قولهم " جبرت الفقير" لأنه هو الذي يجبرالناس بفائض نعمه، وقيل: لأنه يُجبر الناس، أي: يقهرهم على ما يريده، ودفع بعض أهل اللغة ذلك – يريد ابن قتيبة – من حيث اللفظ – فقال لا يقال: من " أفعلْت" فَعَّال، فجبّار لا يبنى من " أجبرت" فأجيب
ردود وانتقادات: كثيرًا ما ينقل الراغب أقوال السلف. وهو يحاول – غالبًا الجمع بينها باعتبارات متعددة، باحثًا لها عن تعليل مقبول ولكنه أحيانًا أخرى يقف من بعض الأقوال موقف الناقد البصير المبين لضعفها وتهافتها، كما يرجح في بعض الأحيان قولًا على قول، كل ذلك بالدليل والبرهان، وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك: في مادة "جبر" يقول الراغب "فأما في وصفه تعالى نحو " العزيز الجبار المتكبر " فقد قيل سمي بذلك من قولهم " جبرت الفقير" لأنه هو الذي يجبرالناس بفائض نعمه، وقيل: لأنه يُجبر الناس، أي: يقهرهم على ما يريده، ودفع بعض أهل اللغة ذلك – يريد ابن قتيبة – من حيث اللفظ – فقال لا يقال: من " أفعلْت" فَعَّال، فجبّار لا يبنى من " أجبرت" فأجيب
1 / 16
- عنه بأن ذلك من لفظ " الجبر" المروي في قوله: "لا جبْرَ ولاتفويض" لا من لفظ الإجبار. وأنكر جماعة من المعتزلة ذلك من حيث المعنى فقالوا: يتعالى الله عن ذلك وليس ذلك بمنكر فإن الله تعالى قد أجبر الناس على أشياء لا انفكاك لهم منها حسبما تقتضيه الحكمة الإلهية، لا على ما تتوهمه الغواة والجهلة وذلك كإكراههم على المرض والموت والبعث، وسخر كلًا منهم لصناعة يتعاطاها، وطريقة من الأخلاق والأعمال يتحراها..".
- في مادة " ختم " أورد قوله ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ وأمثالها من الآيات ثم قال: قال الجبائي: يجعل الله ختمًا على قلوب الكفار، ليكون دلالة للملائكة على كفرهم فلا يَدْعون لهم، وليس ذلك بشيء، فإن هذه الكتابة إن كانت محسوسة فمن حقها أن يدركها أصحاب التشريح، وإن كانت معقولة غير محسوسة، فالملائكة باطلاعهم على اعتقاداتهم مستغنية عن الاستدلال"
وهكذا يناقش القول على الاحتمالين ليبين ضعفه وعدم صحته.
مكملات مفردات الراغب: تعتبر كتب الراغب الأصفهاني منظومة متكاملة، وبخاصة ذات الصلة بالقرآن، ومن هذه الكتب التي وصلتنا " تفصيل النشأتين وتحقيق السعادتين " ورسالة في الاعتقاد " وقد طبعت باسم " الاعتقادات " وكتاب " الذريعة إلى مكارم الشريعة" وجزء من تفسيره المخطوط يبدأ بفصول في أصول التفسير وينتهي بتفسير سورة المائدة ويمكن أن يجد القارئ في بعض هذه الكتب ما لم يجده
مكملات مفردات الراغب: تعتبر كتب الراغب الأصفهاني منظومة متكاملة، وبخاصة ذات الصلة بالقرآن، ومن هذه الكتب التي وصلتنا " تفصيل النشأتين وتحقيق السعادتين " ورسالة في الاعتقاد " وقد طبعت باسم " الاعتقادات " وكتاب " الذريعة إلى مكارم الشريعة" وجزء من تفسيره المخطوط يبدأ بفصول في أصول التفسير وينتهي بتفسير سورة المائدة ويمكن أن يجد القارئ في بعض هذه الكتب ما لم يجده
1 / 17
في كتاب " المفردات " وبذلك تكون هذه الكتب مكملة لكتاب " المفردات " ويمكن أن نمثل لذلك بموضوع " تحقيق الألفاظ المترادفة على المعنى الواحد وما بينها من الفروق الغامضة " والذي لم يوله العناية الكافية في كتابه " المفردات" لأنه كان ينوي أن يؤلف فيه كتابًا مستقلًا كما جاء في مقدمة " المفردات " حيث قال:
"وأتبع هذا الكتاب – إن شاء الله تعالى ونسأ في الأجل – بكتاب ينبئ عن تحقيق الألفاظ المترادفة على المعنى الواحد وما بينها من الفروق الغامضة، فبذلك يعرف اختصاص كل خبر بلفظ من الألفاظ المترادفة دون غيره من أخواته، نحو ذكر " القلب" مرة، والفؤاد مرة" والصدر مرة ونحو ذكره تعالى في عقب قصة ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ وفي أخرى ﴿لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ وفي أخرى ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ وفي أخرى ﴿لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ﴾ وفي أخرى ﴿لأُولِي الأَبْصَارِ﴾ وفي أخرى ﴿لِذِي حِجْرٍ﴾ وفي أخرى ﴿لأُولِي النُّهَى﴾ ونحو ذلك مما يعده من لا يحق الحق ولا يبطل الباطل أنه باب واحد، فيقدر أنه إذا فسر ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ بقوله: الشكر لله، و﴿لا رَيْبَ فِيهِ﴾ بـ " لا شك فيه"، فقد فسر القرآن ووفاه التبيان.
ومن المعلوم – حتى الآن – أن هذا الكتاب لم يصل إلينا (١) ولاشك بأنه كتاب في غاية الأهمية، ولكن الراغب أشار في بعض كتبه الأخرى إلى شيء
_________
(١) سبق ان ادعى الدكتور السّاريسي أن هذا الكتاب وصلنا باسم آخر وهو " درة التنزيل وغرة التأويل " وقد رددْنا على الدكتور الساريسي ببحث خاص أثبتنا فيه أن كتاب " درة التنزيل.." ليس للراغب، كما أنه ليس للخطيب الإسكافي، ويمكن الاطلاع على هذا البحث في مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية الكويتية: العدد الخامس عشر – السنة السادسة – ١٤١٠هـ – ١٩٨٩م.
1 / 18
من ذلك كما في كتاب " الذريعة إلى مكارم الشريعة" كما أورد في تفسيره المخطوط كثيرًا من هذه الفروق بصورة مجملة موجزة ومن ثم يصح لنا أن نقول إن مثل هذه الكتب تعدّ مكملات لمفردات الراغب لايجوز إغفالها عند الحديث عن كتاب " المفردات " ويمكن لنا أن نشير إلى بعض الأمثلة من كتاب " الذريعة" ومن تفسير الراغب المخطوط.
من كتاب الذريعة: تحدث الراغب في كتابه " الذريعة " عن منازل العقل واختلاف أسمائها بحسبها. وفي ذلك يقول: العقل: اسم لما يكون بالقوة وبالفعل، ولما يكون غريزيًا ومكتسبًا. وهو في اللغة عبارة عن قيد البعير لئلا يند وسمي هذا الجوهر به تشبيهًا على عادتهم في استعادة أسماء المحسوسات للمعقولات لكن يتصور منه كونه سببًا لتقييد الإنسان به، وكونه مقيدًا له عن تعاطي ما لايجمل، وكونه مقيدًا به من بين الحيوان. والنهى: في الأصل جمع " نُهْية" وجعل اسمًا للعقل الذي انتهى من المحسوسات إلى معرفة ما فيه من المعقولات، ولهذا أحيل أربابه على تدبر معاني المحسوسات في نحو قوله تعالى ﴿أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهَى﴾ وقال ﴿وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى. كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهَى﴾
من كتاب الذريعة: تحدث الراغب في كتابه " الذريعة " عن منازل العقل واختلاف أسمائها بحسبها. وفي ذلك يقول: العقل: اسم لما يكون بالقوة وبالفعل، ولما يكون غريزيًا ومكتسبًا. وهو في اللغة عبارة عن قيد البعير لئلا يند وسمي هذا الجوهر به تشبيهًا على عادتهم في استعادة أسماء المحسوسات للمعقولات لكن يتصور منه كونه سببًا لتقييد الإنسان به، وكونه مقيدًا له عن تعاطي ما لايجمل، وكونه مقيدًا به من بين الحيوان. والنهى: في الأصل جمع " نُهْية" وجعل اسمًا للعقل الذي انتهى من المحسوسات إلى معرفة ما فيه من المعقولات، ولهذا أحيل أربابه على تدبر معاني المحسوسات في نحو قوله تعالى ﴿أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهَى﴾ وقال ﴿وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى. كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهَى﴾
1 / 19
والحِجْرُ: أصله من الحَجْر، أي: المنع، وهذا اسم لم يلزمه الإنسان من حظر الشرع والدخول في أحكامه، وعلى ذلك قوله تعالى ﴿هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ﴾ .
والحجا: وسمي حجا. من حجاه: أي: قطعه ومنه الأحجية، فكأنه سمي بذلك لكونه قاطعًا للإنسان عما يقبح.
وأما اللب: فهو الذي قد خلص من عوارض الشُّبه، وترشح لاستفادة الحقائق من دون الفزع إلى الحواس. ولذلك علق الله تعالى في كل موضع ذكره بحقائق المعقولات دون الأمور المحسوسة، نحو قوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ فوصفهم بهداية الله إياهم.
وهكذا نرى اختلاف أسماء العقل باختلاف منازله، وارتباط ذلك كله بمعان دقيقة دل عليها التدبر الواعي للآيات التي وردت فيها الأسماء المتعددة، مما يجعل كلا منها مختصًا بمعنى دون غيره.
من تفسيره المخطوط: - عند تفسير لقوله تعالى ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ..﴾ يقول الراغب: " الخضوع والخشوع " و" الخنوع " و" السجود " و" الركوع": تتقارب وبينها فروق:
من تفسيره المخطوط: - عند تفسير لقوله تعالى ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ..﴾ يقول الراغب: " الخضوع والخشوع " و" الخنوع " و" السجود " و" الركوع": تتقارب وبينها فروق:
1 / 20