الحزبية: أنواعها، وأحكامها:
الحزبية والتفرق اسمان لمسمى واحد، وهي من أعظم الجرائم التي تُرتكب في حق الأمة، لما لها من أثر عظيم في تفتيت الصف، وذهاب الريح، ثم الضعف وتسلط الأعداء، والحزبية صورة من صور التنازع، قال تعالى: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ [الأنفال: (٤٦)].
ولقد كانت الحزبية سببًا في ضعف الأمة، وانحراف كثير من الشباب المسلم عن المنهج الحق، وفقدانهم طرق الاستدلال، وقواعد معرفة الحق، مما دفعهم في كثير من الأحيان، إلى الغلو أو التساهل، بسبب التعصب للهيئات، أحزابًا كانت أو جمعيات، كما دفعهم إلى التعلق بالأعيان، قادة كانوا أو شيوخًا.
الأمر الذي يُذهب نور الحق، ووضوح الطريق.
لذا ترى كثيرًا منهم قد انحرفوا عن العقيدة الصحيحة، والمنهج القويم، بل انحرف كثير منهم في أخلاقهم وسلوكهم بحزبيتهم، رغم أن نيات كثير منهم كانت خيرًا، ولكن نية الخير لا تثمر إلا إذا كانت على سنة رسول الله ﷺ، ومنهج أصحابه ﵃.
واعلم -حفظك الله- إن لم يكن من ثمار التحزب سوى التفرق، وما يترتب عليه من الدفاع عن الهيئات والأعيان تعصبًا، في وجه الدليل لكفى به شرًا، ونعوذ بالله تعالى منها، وممن يدعو إليها، فالدعوة إليها دعوة إلى باطل بنص الكتاب والسنة ﴿وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [الروم: (٣٢)].
وقال ﷺ: «لا حلف في الإسلام، وأيما حلف في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة» [مسلم: (٢٥٢٩)].
والحلف: هو تجمع قوم دون قوم على شروط معينة، وغالبها يكون خيرًا للمتعاقدين على ذلك الحلف، وقد كان ذلك في الجاهلية، يجتمع بعض القوم دون الآخرين، ويتعاقدون على نصرة المظلوم، وإعانة الكل، وما شابه ذلك، كما كان ذلك في حلف الفضول، وحلف المطيبين، ثم حرم ذلك الإسلام.
1 / 152