110

مجمل أصول أهل السنة

تصانيف

علاج الوساوس في العقيدة
السؤال
بالنسبة للوساوس التي تحدث للإنسان حينما يأتي للخلق مثلًا من الذي خلق كذا؟ ثم تتدرج في المسألة إلى أن يقول: من الذي خلق الله ﷾؟
الجواب
إذا جاءت مثل هذه الأوهام فينبغي أن تعرض على طالب علم أو عالم ولا تعرض على عامة الناس؛ لأن هذه مداخل للشيطان على كثير ممن قد يكونون في عافية من هذه الأمور، فأحيانًا مجرد إنشاء السؤال على ملايين الناس أو على آلاف الناس بهذه الصورة قد يحدث في قلوبهم شكوك، أما بقية الأسئلة والإشكالات في العقيدة فأرى أن عرضها مناسب، لكن هذا السؤال بالذات وما يشابهه، والتي لا تليق بالله ﷿ أو توهم النقص في حق الله فالأولى أن الإنسان يسأل عنها أقرب عالم أو أقرب طالب علم.
وهذه الأوهام والوساوس ما دامت مجرد عوارض فهي لا تضر، والصحابة ﵃ شكوا مثل ذلك إلى رسول الله ﷺ، وأنهم قد يجدون مثل هذه الأمور لكنهم أنكروها، فقال ﵇: (ذاك صريح الإيمان) بمعنى أنهم وجدوا الإنكار والاشمئزاز من هذه الأفكار، ولذلك ورد عن النبي ﷺ أنه قد يأتي الشيطان ويقول للإنسان مثل ما قال السائل تمامًا، وهذا مما يدل على أن النبي ﷺ ما ترك شيئًا في نصح الأمة إلا وذكره، كما يجب على الإنسان أن يعود إلى أصل الإيمان بالله ﷿ ويقول: آمنت بالله ثم يستقيم، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ويبتعد عن أسباب الأوهام والوساوس، ويخلص قلبه إلى ربه بالتمجيد والتسبيح والذكر والتهليل، ويصرف قلبه إلى التفكر في آلاء الله ونعمه عليه، وليكثر من التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فإن ذلك لا يضره إن شاء الله، فإذا عمل بهذه الوسائل والأسباب فإنه لا يضره، ولو قدّر الله وبقيت هذه الأوهام فقد تكون من الوساوس التي تحتاج إلى علاج بالرقية أحيانًا فالذين يبتلون بمثل هذه الأمور وتستقر في نفوسهم عليهم أن يراجعوا الأطباء المختصين، فإن كثيرًا من الأدوية بإذن الله حاسمة لمثل هذه الأمور، وبعض المسلمين قد يهمل نفسه ظنًا منه أن مراجعة الطبيب لا تليق، وهذا خطأ بل هو من عبث الشيطان نفسه، والرسول ﷺ قال: (تداووا عباد الله) وخير التداوي ما تداوي به قلبك وإيمانك، فإذا شعر المسلم بشيء من هذه الأوهام والوساوس في أي أمر من أمور العقيدة سواء في الله ﷿ أو في غير ذلك واستخدم الأسباب الشرعية والأوراد والذكر والرقية ولم تنفع فيجب عليه أن يراجع الطبيب، وبإذن الله ينتهي بمدة قصيرة، وبعض الناس يظن أنه يحتاج إلى علاج مزمن وأنه يحتاج إلى مراجعة العيادات، وهذا كله أوهام إلا النادر، والنادر لا حكم له، فيجب أن يراجع طبيبًا مختصًا، وسوف يجد في ذلك العافية، ويرجع إلى طبيعة إيمانه وإلى حقيقة العقيدة إن شاء الله.

4 / 17