وقد ذكر العلامة ابن عثيمين ﵀: «جوابًا عما يقوله أخو الزوج: لماذا لا تثق بي؟! ولماذا لا تتركني أدخل بيتك؟! فهذا مما يوجب التقاطع بين الأقارب، فقال: (إنه إذا حصل التقاطع بطاعة اللَّه فليكن، ما دمت أنا فعلت ذلك طاعة للَّه ورسوله فليكن، أليس اللَّه ﷿ يقول: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا﴾ (١)، يعني: لو بذلا غاية الجهد، وبلغا منك المشقة في التزين لا تطعهما، فأنا إذا أطعت اللَّه لا يهمني، إذا كان يريد أن يقطع الصلة بيني وبينه فليقطعهما، أما أن أخضع لأمر نهى عنه الشرع من أجل مراعاة هذا الرجل، وأنا أخشى على أهلي وعلى فراشي، فهذا لا يجوز أبدًا» (٢).
الدليل الرابع: حديث ابْنِ عَبَّاسٍ ﵁ - أنّه سَأَلَهُ رَجُلٌ: شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْعِيدَ أَضْحًى، أَوْ فِطْرًا؟ قَالَ: نَعَمْ، ولَوْلاَ مَكَانِي مِنْهُ مَا شَهِدْتُهُ، يَعْنِي مِنْ صِغَرِهِ- قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَصَلَّى، ثُمَّ خَطَبَ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا، وَلاَ إِقَامَةً، ثمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَرَأَيْتُهُنَّ يَهْوِينَ إِلَى آذَانِهِنَّ وَحُلُوقِهِنَّ، يَدْفَعْنَ إِلَى بِلاَلٍ ثُمَّ ارْتَفَعَ هُوَ وَبِلاَلٌ إِلَى بَيْتِهِ» (٣).
قال ابن حجر ﵀: «قَولُهُ: (ثُمَّ أَتَى النِّساءَ) يُشعِرُ بِأَنَّ النِّساءَ كُنَّ
_________
(١) سورة لقمان، الآية: ١٥.
(٢) شرح صحيح البخاري، لابن عثيمين، ٤/ ٦١٢.
(٣) البخاري، كتاب النكاح، باب ﴿وَالَّذينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنْكُمْ﴾، برقم ٥٢٤٩.
1 / 37