الشبهة الخامسة: استدلالهم بما جاء عن الربيع بنت معوذ ﵂ - أنها قالت: دخل علي النبي ﷺ غداة بني عليّ، فجلس على فراشي كمجلسك مني، وجويريات يضربن بالدف، يندبن من قتل من آبائهن يوم بدر حتى قالت جارية: وفينا نبي يعلم ما في الغد، فقال النبي ﷺ: «لا تقولي هكذا، وقولي ما كنت تقولين» (١).
فهذا قبل الحجاب فالربيع خطبها زوجها إياس بن بكير قبل غزوة بدر في السنة الثانية للهجرة، ثم خرج هو وأخواه، وبعد بدر تزوجت الربيع من إياس، ودخل عليها زوجها، وأنجب محمدًا منها، وقد أدرك زمن النبي ﷺ كما قاله ابن منده، والحجاب فرض بعد ذلك سنة خمس أو ست كما تقدم، فكيف يُستدل بذلك على حُكم نزل بعد؟.
والربيع بنت معوذ بن عفراء كانت عجوزًا معمَّرة، كما قاله الذهبي في «تاريخ الإسلام» (٢)، وتوفيت سنة سبع وثلاثين للهجرة، وزواجها كان قبل فرض الحجاب.
وهذه أدلّة يوردونها وهي قبل فرض الحجاب، وأدلة شرب الخمر قبل النسخ أكثر منها وأصرح، وسيأتي يومٌ داعيها كما في الخبر: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف» (٣).
(١) البخاري، كتاب المغازي، باب حدثني خليفة، برقم ٤٠٠١. (٢) ٥/ ٤٠٢. (٣) البخاري، كتاب الأشربة، باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه، برقم ٥٥٨١.
1 / 147