٤ - إِنَّ اتِّفَاقَ الْفُقَهَاءِ عَلَى تَحْرِيمِ النَّظَرِ إِلَى جَمِيعِ بَدَنِ الْمَرْأَةِ بِشَهْوَةٍ أَوْ عِنْدَ خَوْفِ حُدُوثِهَا يَقْتَضِي عَدَمَ جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَسَائِرِ الأَعْضَاءِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ ضَرُورَةٍ فِي جَمِيعِ الأَحْوَال، لأَنَّ خَوْفَ الْفِتْنَةِ فِي النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ مَوْجُودٌ دَائِمًا، وَبِخَاصَّةٍ إِلَى الْوَجْهِ، لأِنَّهُ مَجْمَعُ الْمَحَاسِنِ، وَخَوْفُ الْفِتْنَةِ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ أَشَدُّ مِنْ غَيْرِهِ (١).
٥ - إِنَّ إِبَاحَةَ نَظَرِ الْخَاطِبِ إِلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَخْطُبَهَا يَدُل عَلَى التَّحْرِيمِ عِنْدَ عَدَمِ إِرَادَةِ خِطْبَتِهَا، إِذْ لَوْ كَانَ مُبَاحًا عَلَى الإِْطْلاَقِ، فَمَا وَجْهُ التَّخْصِيصِ (٢).
نَظَرُ الرَّجُل إِلَى الأَْجْنَبِيَّةِ الْعَجُوزِ:
لاَ خِلاَفَ بَيْنِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَحْرُمُ النَّظَرُ بِغَيْرِ عُذْرٍ إِلَى الْعَجُوزِ بِقَصْدِ اللَّذَّةِ أَوْ مَعَ وِجْدَانِهَا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ النَّظَرِ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ وَلاَ قَصْدِ التَّلَذُّذِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْل الأَْوَّل: يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا إِذَا كَانَتْ:
- لاَ تُشْتَهَى.
- وَغَيْرَ مُتَبَرِّجَةٍ بِزِينَةٍ.
وَهَذَا هُوَ قَوْل جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ؛ لِقَوْل اللهِ تعالى: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٦٠)﴾ (النور: ٦٠)، وَالْقَوَاعِدُ هُنَّ الْعَجَائِزُ اللَّوَاتِي قَعَدْنَ عَنِ التَّصَرُّفِ بِسَبَبِ كِبَرِ السِّنِّ، وَقَعَدْنَ عَنِ الْوَلَدِ وَالْمَحِيضِ، وَذَهَبَتْ شَهْوَتُهُنَّ، فَلاَ يَشْتَهِينَ وَلاَ يُشْتَهَيْنَ، فَأُبِيحَ لَهُنَّ وَضْعُ
(١) الحاوي الكبير (٩/ ٣٥)، ونهاية المحتاج (٦/ ١٨٧)، والمغني (٧/ ٤٦٠).
(٢) نفس المصدر السابق.
1 / 44