158

الاختلاط بين الرجال والنساء

الناشر

دار اليسر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

تصانيف

فَأُحَيِّيه تَحِيَّة الغَرِيب لِلْغَرِيبِ مِنْ حَيْثُ لَا يَجْرِي لِمَا كَانَ بَيْننَا ذِكْرٌ ثُمَّ أَنْطَلِق فِي سَبِيلِي.
فَإِنِّي لِعَائِد إِلَى مَنْزِلَيْ لَيْلَة أَمْس وَقَدْ مَضَى الشَّطْر الأَوَّل مِنْ اللَّيْل إِذْ رَأَيْتُه خَارِجًا مِنْ مَنْزِلَة يَمْشِي مِشْيَة الذاهل الحَائِر وَبِجَانِبِهِ جُنْدِيّ مِنْ جُنُود الشُّرْطَة كَأَنَّمَا هُوَ يَحْرُسهُ أَوْ يَقْتَادهُ؛ فَأَهَمَّنِي أَمْرُه وَدَنَوْتُ مِنْهُ فَسَأَلَتْهُ عَنْ شَأْنه فَقَالَ: «لَا عِلَمْ لِي بِشَيْء سِوَى أَنْ هَذَا الجُنْدِيّ قَدْ طَرَقَ السَّاعَة بَابِي يَدْعُونِي إِلَى مَخْفَر الشُّرْطَة وَلَا أَعْلَم لِمِثْل هَذِهِ الدَّعْوَة فِي مِثْل هَذِهِ السَّاعَة سَبَبًا وَمَا أَنَا بِالرَّجُلِ المُذْنِب وَلَا المُرِيب فَهَل أستطيع أَنْ أَرْجُوك يَا صَدِيقِي بَعْد الذِي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنك أَنْ تَصْحَبنِي اللَّيْلَة فِي وَجْهِي هَذَا عَلَّنِي أحْتاج إِلَى بَعْض المَعُونَة فِيمَا قَدْ يَعْرِض لِي هُنَاكَ مِنْ الشُّؤُون؟».
قُلْت: «لَا أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ»، وَمَشَيْت مَعَهُ صَامِتًا لَا أُحَدِّثهُ وَلَا يَقُول لِي شَيْئًا ثُمَّ شَعَرَتْ كَأَنَّهُ يُزَوِّر فِي نَفْسه كَلَامًا (١) يُرِيد أَنْ يُفْضِي بِهِ إِلَيَّ فَيَمْنَعهُ الخَجَل وَالْحَيَاء فَفَاتَحْتُه الحَدِيث وَقُلْت لَه: «أَلَّا تَسْتَطِيع أَنْ تَتَذَكَّر لِهَذِهِ الدَّعْوَة سَبَبًا؟»؛ فَنَظَرَ إِلَى نَظْرَة حَائِرَة وَقَالَ: «إِنْ أُخَوِّف مَا أَخَافَهُ أَنْ يَكُون قَدْ حَدَثَ لِزَوْجَتَيْ اللَّيْلَة حَادِث فَقَدْ رَابَنِي مِنْ أَمْرهَا أَنَّهَا لَمْ تَعُدْ إِلَى المَنْزِل حَتَّى السَّاعَة، وَمَا كَانَ ذَلِكَ شَأْنهَا مِنْ قَبْل».
قُلْت: «أَمَا كَانَ يَصْحَبهَا أَحَد؟».
قَالَ: «لَا».
قُلْت: «أَلَّا تَعْلِّم المَكَان الذِي ذَهَبَتْ إِلَيْهِ؟».
قَالَ: «لَا».
قُلْت: «ومِمَّ تَخَافُ عَلَيْهَا؟».

(١) زَوَّرْتُ الْكَلَامَ فِي نَفْسِي هَيَّأْتُهُ، (المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، مادة: زور).

1 / 161