153

الاختلاط بين الرجال والنساء

الناشر

دار اليسر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

تصانيف

قَالَ: «نَعَمْ أَقُول الحَقِيقَة التِي أَعْتَقِدهَا».
قُلْت: «هَلْ تَأْذَن لِي أَنْ أَقُول لَك إِنَّك عِشْت فَتْرَة طَوِيلَة فِي دِيَار قَوْم لَا حِجَاب بَيْن رِجَالهمْ وَنِسَائِهِمْ فَهَلْ تَذْكُر أَنَّ نَفْسك حَدَّثَتْك يَوْمًا مِنْ الأَيَّام وَأَنْتَ فِيهِمْ بِالطَّمَعِ فِي شَيْء مِمَّا لَا تَمْلِك يَمِينك مِنْ أَعْرَاض نِسَائِهِمْ فَنِلْت مَا تَطْمَع فِيهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُر مَالِكه؟».
قَالَ: «رُبَّمَا وَقَعَ لِي شَيْء مِنْ ذَلِكَ، فَمَاذَا تُرِيد؟».
قُلْت: «أُرِيد أَنْ أَقُول لَك إِنِّي أَخَاف عَلَى عرْضِك أَنْ يُلِمّ بِهِ مِنْ النَّاس مَا أُلِمّ بِأَعْرَاض النَّاس مِنْك».
قَالَ: «إِنَّ المَرْأَة الشَّرِيفَة تَسْتَطِيع أَنْ تَعِيش بَيْن الرِّجَال مِنْ شَرَفهَا وَعِفَّتهَا فِي حِصْن حَصِين لَا تَمْتَدّ إِلَيْهِ المَطَامِع».
فَقُلْتُ لَهُ: «تِلْكَ هِيَ الخُدْعَة التِي يخْدَعُكم بِهَا الشَّيْطَان أَيُّهَا الضُّعَفَاء؛ فَالشَّرَف كَلِمَة لَا وُجُود لَهَا فِي قَوَامِيس اللُّغَة وَمَعَاجِمهَا، فَإِنْ أَرَدْنَا أَنْ نُفَتِّش عَنْهَا فِي قُلُوب النَّاس وَأَفْئِدَتهمْ قَلَمًا نَجِدهَا وَالنَّفْس الإِنْسَانِيَّة كَالْغَدِيرِ الرَّاكِد لَا يَزَال صَافِيًا رَائِقًا حَتَّى يَسْقُط فِيهِ حَجَر فَإِذَا هُوَ مُسْتَنْقَع كَدِر، وَالْعِفَّة لَوْن مِنْ أَلْوَان النَّفْس لَا جَوْهَر مِنْ جَوَاهِرهَا وَقَلَّمَا تَثْبُت الأَلْوَان عَلَى أَشِعَّة الشَّمْس المُتَسَاقِطَة».
قَالَ: «أَتُنْكِرُ وُجُود العِفَّة بَيْن النَّاس؟»
قُلْت: «لَا أُنْكِرهَا لِأَنِّي أَعْلَم أَنَّهَا مَوْجُودَة بَيْن البُلْه الضُّعَفَاء وَالْمُتَكَلِّفِينَ وَلَكِنِّي أَنْكَرَ وَجَوَّدَهَا عِنْد الرَّجُل الْقَادِر الْمُخْتَلِب (١) وَالْمَرْأَة الحَاذِقَة المُتَرَفِّقَة إِذَا سَقَطَ

(١) خَلَبَهُ بظُفُرِه: جَرَحَهُ، أو خَدَشَهُ، أو قَطَعه، وخَلَبَ الفَرِيسَةَ: أخَذَها بِمِخْلَبِه، وخَلَبَ فلانًا عَقْلَهُ سَلَبَهُ إيَّاهُ، وخَلَبَه: خَدَعَه، (القاموس المحيط، مادة: خلب).

1 / 156