وفضلا عن ذلك فإن بعضا ليس بالقليل من الرحلات السياحة إلى مصر - وبخاصة قبل الاضطرابات في الشرق الأوسط من الغزو الأمريكي إلى العنف الإسرائيلي - كانت بعض الرحلات إلى سيناء تدمج في رحلات إلى إسرائيل وسيناء بواسطة الشركات السياحية الإسرائيلية معا، مما يؤدي إلى تدني نصيب الفنادق المصرية في طابا ونويبع وشرم الشيخ من هذه السياحة، مقابل النصيب الأوفر لشركات السياحة الإسرائيلية التي هي بصورة أو أخرى أقوى وأكثر إعلاما من الشركات المصرية التي تدخل السوق الخارجي وجلة وغالبا من خلال مؤسسات السياحة الحكومية المصرية في مكاتبها الخارجية، أو من خلال مكاتب السياحة وشركات الطيران الأجنبية في الدول المختلفة كوسطاء محليين في مصر.
ليس الغرض مجرد النقد، ولكنه موجه كحافز للمسئولين في الوزارات والشركات المعنية وفي قطاع السياحة الخاص، من أجل توجيه جهد أكبر إلى السياحة المصرية الداخلية بحيث لا تكون اقتصاديات مراكزنا السياحية في قبضة السياحة الأجنبية فقط. هناك إسراف في الفنادق عالية النجوم في خليج العقبة والبحر الأحمر وهو ما قد يكون أبعد عن منال غالبية المصريين ماليا، ومن ثم فقد حان الوقت أن يتجه الفكر السياحي إلى فنادق متوسطة على أن تراعى كل شروط النظافة وحسن استقبال النزلاء والاهتمام بإقامتهم وخدمتهم، كما تفعل الفنادق الأعلى رتبة من حيث الكيف. وأن تشجع المؤسسات السياحية على إنشاء بنسيونات وغرف عائلية على المستوى المطلوب من الشروط السابقة ولكن على منسوب صغير متناسب مع عدد الغرف وعدد الأسرة. ومعلومات المسئولين مؤكدة عن نجاح مثل هذه الأماكن الصغيرة التي تستقبل أعدادا كبيرة من السياح، فإنها حقا تمثل اللبنة الأساسية في السياحة في النمسا وإيطاليا وإسبانيا على سبيل المثال؛ لأنها في متناول كثير من فئات الناس والعائلات ذات الدخل المحدود، فضلا عن أنه ليس في استطاعة الفنادق متعددة النجوم أن تستوعب ملايين السياح، بل وربما لا ترحب بكل طبقات السياح.
وليس من الضروري أن تكون المراكز السياحية ذات الأسعار المقبولة - فنادق وبنسيونات - في ذات الأماكن الحالية للفنادق الرفيعة. فالسواحل المصرية الملائمة للسياحة تمتد مئات الكيلومترات على البحار المصرية. فلا داعي للتزاحم في خليج نعمة مثلا، بل هناك داخل منطقة الشرم أماكن أخرى تدعو إلى الاستثمار المتوسط. وفي نبق ودهب وشمال نويبع حتى طابا عشرات الأماكن التي يمكن أن تبدأ - وتستمر - بكبائن وعشش «كيب» بيئية ومركز خدمات يقدم كل التسهيلات المناسبة للنزلاء - ومثل هذا كان ناجحا في رأس البر على سبيل المثال. مع الإعلان الصحيح يمكن لهذه الأماكن أن تجذب الناس ويمكن أن تنمو خدماتها وتجذب المزيد من النجاح، ولكن بشرط ألا تهدم مقوماتها لتبني بدلها فنادق النجوم المتعددة. وبالمثل هناك عشرات الأماكن تحت الإنشاء بطول ساحل البحر الأحمر نرجو ألا تكون على شاكلة الغردقة والجونة وخليج مكادي ومرسى علم. فقد شبع الناس من القرى السياحية الضخمة التي تبلغ أسعارها عنان السماء بالنسبة لغالبية المصريين. وشبع الناس في الغردقة حرمانهم من البحر بعد أن تم تخصيص كل الشواطئ لتلك القرى والفنادق الرفيعة المستوى. ومثل هذا يمارس الآن في منتجعات العين السخنة الجديدة، فهل يمكن ممارسة السياحة المتوسطة جزئيا في بعض المنتجعات الجديدة، مثلا في مرسى علم أو شلاتين أو القصير وسفاجا؟
سفاجا بالذات تحتاج منشآت كثيرة متوسطة: سواء فنادق أو بنسيونات أو شقق صغيرة «استوديو» لخدمة الحركة في الميناء، سواء كانت الحركة التجارية العادية أو حركة العبارات لعشرات آلاف المصريين العاملين في الخارج والسعودية، وآلاف المعتمرين والحجاج في مواسم متعددة تغطي شهورا طويلة من السنة. ومثل ذلك تماما نويبع التي تتعرض سنويا لتزاحم غير إنساني للعابرين والحجاج، وتصريحات كثيرة من المسئولين سنويا بصلاح الحال العام التالي دون فعل حقيقي، الحل هنا ليس فقط بيد الجهاز الإداري المصري في الميناء، وليس فقط بيد شركات السياحة التي يمكن وصف بعضها بابتزاز رغبات الذين يتوقون إلى إشباع مشاعرهم الدينية ... لكنه أيضا نتيجة إحجام الفندقة المتوسطة عن تقديم الخدمة الضرورية للمسافرين، وفي ذات الوقت إحجام المسافرين - بل وبخل بعضهم - عن السفر يوما أو يومين قبل مواعيد العبارات للراحة والاستمتاع كجزء من سفرتهم الطويلة من مصر إلى الخليج أو الحجاز.
عنصر آخر من أوجه النقص في السياحة إجمالا والسياحة الداخلية بوجه خاص هو النقص الذي يجب أن نلام عليه جميعا في موضوعين؛ أولهما: القلة الواضحة في الكتب الموجهة لغير المتخصصين عن آثارنا وجغرافية بلادنا ومواردنا السياحية في المليون كيلومتر مربع التي تحتلها بلادنا، والموضوع الثاني: النقص الذي لا مبرر له في الخرائط السياحية للمدن والأقاليم المصرية.
الموضوع الأول: نقص الكتب
كثير من السياح الأجانب يعرفون عن مصر السياحة أكثر مما يعرف المصريون إلا بممارسة الذهاب هنا وهناك. وذلك راجع إلى كثرة الكتب السياحية عن مصر من بين مجموعات أخرى من الكتب عن دول أخرى تصدرها مؤسسات ودور نشر متعددة. وغالبية هذه الكتب كبيرة (400-600 صفحة) نصوصها معتمدة من خبراء وعلماء. مثال ذلك كتب بيدكر
Baedeker ، (Ägypten)
بالألمانية ولغات أخرى، وكذا المرشد الأزرق عن دار هاشت الفرنسية، وأيضا الكوكب الوحيد
Lonely Planet
صفحة غير معروفة