إن هيكل يثير ببعض صياغاته أفكارا مباغتة تماما.
ص126:
إذن كان السادات يشعر بالشك الذي اعتمل في نفوس الناصريين تجاهه فور وفاة ناصر! إن تأكيد هيكل على ذلك أمر، على ما يبدو، صحيح. غير أن هذا التأكيد يكشف لنا مرة أخرى إلى أي حد كان السادات ماكرا غدارا؛ إذ ظل يؤكد دائما على ثقته في الناصريين المحيطين به حتى قبيل اعتقالهم بيومين في الثالث عشر من مايو 1971م!
ص128:
إن تأكيد الكاتب على أن السادات كان يريد إقامة الوحدة مع سوريا وليبيا، ومع ما يترتب على ذلك من تشكيل مؤسسات سلطوية جديدة وإجراء انتخابات جديدة (يمكنه عن طريقها التخلص من الناصريين) لأمر ذو دلالة. على أن ذلك التأكيد يتناقض مع ما ذكره الكاتب قبل ذلك في صفحة 122، حيث أكد على أمر مختلف تماما.
ص129:
يورد هيكل هنا قصة لا يمكن تصديقها تتعلق بالجلسات الروحية، التي يزعم أن الناصريين كانوا يقيمونها للتحدث مع روح «ناصر». وقد نشر هيكل هذا الأمر في صحيفة «الأهرام» في حينه، وتجدر الإشارة هنا إلى أن كثيرا من المصريين شككوا في صحتها. ومن ثم فإن المشهد كله يناسب ذهنية السادات، الذي كان يسعى للنيل من خصومه السياسيين بأي وسيلة.
ص131:
لم يأت ظهور هيكل في اجتماع اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي العربي محض صدفة. لقد جاء (أو دعي للحضور) لمساعدة السادات ومحمد فوزي، الذي كان يلقى دعما من هيكل آنذاك، والذي كان يرتبط به هيكل بعلاقة صداقة دائمة. ويزعم هيكل في كتابه أن ناصرا أبلغ الزعماء السوفييت في حينه بالوحدة المقترحة مع سوريا وليبيا، وكان من المفترض، على ما يبدو، أن توهن هذه الحجة من عزيمة خصوم الوحدة؛ فموسكو أيدت هذه الخطوة.
إذا كان هيكل قد قال فعلا ما كتبه، فقد تصرف إذن على نحو يفتقد إلى الأمانة. صحيح أن ناصرا تحدث بالفعل إلى الزعماء السوفييت في يونيو 1970م عن وحدة مرتقبة، على أنه تلقى ردا على ذلك اتسم بالموضوعية، مدعوما بالحجج حول أهمية التأني في اتخاذ مثل هذه الخطوة ودراساتها دراسة عميقة وما إلى ذلك. باختصار، لم يجد ناصر تشجيعا على الوحدة، بل على العكس من ذلك، فقد تلقى النصح بعدم التسرع في التعامل مع هذه الفكرة، وعلى هيكل أن يتذكر هذه الحقيقة.
صفحة غير معروفة