من سنة 1177-1185ه أو من سنة 1763-1772م
فتمكن «علي بك» بهذا الانتصار من استلام مشيخة البلد «في القاهرة» سنة 1177ه، وأول أمر باشره قتل «إبراهيم الشركسي» الذي قتل سيده، فثارت عليه أحزابه يطلبون الانتقام، وهم عديدون، فخاف علي بك على حياته ففر إلى «سوريا» والتجأ إلى متسلم (حاكم) بيت المقدس، وكانت بينهما صداقة قديمة إلا أن هذا الملجأ لم يحمه إلا شهرين؛ لأن أعداءه البكوات لما علموا بمقره شكوه للسلطان «مصطفى» وأخبروه بمقره. فأنفذ إلى متسلم القدس فرمانا يأمره به أن يرسل «علي بك» مخفورا إلى الباب العالي.
فعلم «علي بك» بذلك، ففر إلى «عكا»، وهناك اكتسب صداقة الشيخ «ضاهر العمر» أمير تلك المدينة الحصينة فأكرم وفادته وسعى في تبرئته أمام الباب العالي، وبمساعدة نصرائه من أصدقاء «إبراهيم كخيا» اكتسب له العفو من الحضرة السلطانية، فألغيت الأوامر بالقبض عليه، وأعيد إلى «القاهرة» بمنصبه الأول.
وفي سنة 1179ه - أي بعد ذلك بسنتين - هدد «علي بك» بالإقالة من ذلك المنصب؛ وذلك أن «محمد راغب باشا» الذي كان على مصر وعزل منها «علي ماهر بك» كان يتذكر كرم أخلاق «علي بك» منذ كان كاشفا، فبعد استقالته من مصر، ولي بر الأناطول، وبعد تسع سنوات صار صدرا أعظم، وما انفك متذكرا صداقة «علي بك» لا يفتر عن معاضدته، وتسهيل مطالبه سرا وجهرا.
ففي سنة 1179ه، توفي الوزير «محمد راغب باشا» المذكور، فأصبح «علي بك» في حاجة لمن يعضده، فاغتنم أعداؤه هذه الفرصة، ووشوا به إلى الآستانة، فاضطر أن يفر إلى اليمن. ولم تأت سنة 1180ه حتى عاد إلى القاهرة، واسترجع منصبه بمساعدة أحزابه وموت أربعة من دعاة «إبراهيم الشركسي». ثم تراءى له أن صديقه «صالح بك» تحدثه نفسه بخرج حرمة الصداقة، واتباع داعي المطامع الشخصية، فوكل أمر قتله إلى «إبراهيم كاشف» أحد أتباعه، فقتله طعنا. وسترى أن «إبراهيم» هذا سيرتقي حتى يتولى مشيخة البلد.
ورأى «علي بك» أن قبائل العربان في مصر السفلى قد شقت عصا الطاعة، فأنفذ إليها أحد مماليكه المدعو «أحمد» في فرقة من الرجال، فحارب أولئك العربان، وأمعن في قتلهم حتى لقبوه بالجزار، وهو الذي تولى «عكا» بعدئذ واشتهر «بأحمد باشا الجزار». أما من بقي من أعداء «علي بك» فخافوا ولزموا السكوت. وتحقق تخلصه من القلاقل والمفاسد والمقاومات، ورأى من باب الاحتياط والحرص أن يرقي ثمانية عشر مملوكا من أتباعه إلى رتبة البكوية لينصروه وقت الحاجة، وهي أسماؤهم: (1)
رضوان (ابن أخيه): من جورجيا. (2)
علي الطنطاوي: من جورجيا. (3)
إسماعيل: من جورجيا. (4)
خليل: من جورجيا. (5)
صفحة غير معروفة