موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب

أيوب صبري باشا ت. 1308 هجري
74

موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب

الناشر

دار الآفاق العربية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٤ م

مكان النشر

القاهرة

تصانيف

وقد عرفت الخطابة من فوق ظهور الحيوانات فى بادئ الأمر مع قس بن ساعدة «كتاب المعارف». لقد امتد العمر طويلا بقس بن ساعدة المشهود له بالفصاحة وقد أنبأ وبشر بمجئ الرسول خاتم الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام قبل البعثة. وقد حضر الرسول فخر العالم-ﷺ-ذات مرة إحدى خطب قس بن ساعدة قبل بعثته فى سوق عكاظ بدون علم منه، هذه الخطبة التى نالت شهرة واسعة بين بلغاء العرب. وحفظها ورددها كل الكبار والصغار فى ذلك العصر. فى ذلك اليوم اعتلى «قس بن ساعدة» ظهر جمله الأحمر وقال خطبته التالية أيها الناس: اسمعوا واعوا: من عاش مات ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، المطر يسقط،والعشب ينبت، والأطفال يولدون ويقومون مقام الأمهات والآباء وبعد ذلك كل هذا يفنى، وتتابع الأحداث، ويتبع الواحد الآخر، أنصتوا وانتبهوا ففى السماء خبر، وفى الأرض عبر، وجه الأرض فرش إيوان ووجه السماء سقف عال، النجوم تتحرك والبحار تقف، القادم لا يبقى والذاهب لا يأتى، هل يا ترى يبقون حيث يذهبون معجبين به أم يحجزون هناك ويغشاهم يوم طويل! إننى أقسم أن عند الله دين أحب من دينكم الذى أنتم عليه، وهناك رسول سيأتى أو شك زمان ظهوره. وقد أظلكم زمانه، فما أسعد من يؤمن به ويهتدى وما أشقى من يعصيه ويخالفه، زمانه يا للأسى على الأمم التى قضت عمرها فى الغفلة. يا قوم إياد .. أين آباؤكم وأجدادكم؟ بالله أين قصوركم المزينة؟ أين عاد وثمود الذين نحتوا بيوتا من الحجارة؟ وأين فرعون؟ أين النمرود الذى غرته الدنيا وقال لقومه إنى أنا ربكم الأعلى؟ ألم يكونوا أكثر منكم ثروة وقوة وقدرة؟ ألم يكونوا أكثر منكم عددا؟ لقد طوتهم هذه الأرض فى دورانها، فأصبحوا ترابا تذروه الرياح، وبليت عظامهم وصارت رمادا وتهدمت بيوتهم فأصبحت خاوية

1 / 79