أبي داود سوى حديث واحد، والثّلاثة الأوّلون منهم حميريون، والأوّل والثّالث حمصيان أيضًا.
(ومن استجمر فليوتر) اختلف في المراد بالاستجمار في هذا الحديث، فذهب الجمهور من أهل اللّغة والحديث والفقه إلى أنّه الاستنجاء بالأحجار، مأخوذ من الجمار وهي الأحجار الصغار، وقيل: سمّي بذلك لأنه يطيّب الرّيح كما يطيّبها الاستجمار بالبُخور، وقيل المراد به في البخور أن يأخذ منه ثلاث قطع أو يأخذ منه ثلاث مرّات يستعمل واحدة بعد أخرى، وهو على هذا مأخوذ من الجمر الذي يوقد. قال القاضي عياض في المشارق: وقد كان مالك يقوله ثمّ رجع عنه. وقال الشيخ ولي الدّين: يمكن حمل هذا المشترك على مَعْنَيَيْه وهما الاستنجاء والتّبخّر، وقد كان ابن عمر يفعل ذلك كما نقله ابن عبد البرّ، فكان يستجمر بالأحجار وترًا ويجمّر ثيابه وترًا.
(ومن لا فلا حرج) استدلّ به المالكية والحنفية على أنّ الاستجمار لا يتقيّد بعدد معيّن، وقال أصحابنا نفي الحرج راجع إلى الزيادة على الثلاث جمعًا بينه وبين الأحاديث المصرّحة بالأمر بالثّلاث والنهي عن التنقيص عنها، وإنّما نبّه على ذلك لأنّ حكم الريادة على الثلاث في الوضوء الكراهة وقيل: التحريم، فبَيَّن أنّ الأحجار ليست كذلك، وأنّه إذا أراد الاستنجاء بحجر آخر حتى صارت شفعًا لا يمنع من ذلك، ذكره الخطّابي والبيهقي وغيرهما.
(ومن أكل فما تخلّل) أي: أخرجه من بين أسنانه من أثر الطّعام.
(فليلفِظ) بكسر الفاء، قال في النّهاية: أي: فليلق ما يخرجه الخلال من بين أسنانه. وفي الصحاح لفظت الشيء ألفظه لفظًا رميته.
(وما لاك بلسانه فلْيَبْتَلع) قال في النّهاية: أي: وما مضغ، واللّوك إدارة الشيء في الفمّ، يُقال: لاك يلوك لوكًا.
قال الشيخ وليّ الدّين: فيه أنّه يستحبّ للآكل إذا بقي في فمه وبين أسنانه شيء من الطّعام وأخرجه بعود تخلّل به، أن يلفظه ولا يبتلعه لما فيه
1 / 61