الأطفال، فإنهم عراة تماما كما رأيتهم بنفسي، ولا تعطى لهم ألبسة إلا في الشتاء. أو عندما يصلون سن البلوغ. والذي يغطي رأسه بقلنسوة لا يجرأ أحد في مدينة الجزائر على أن يتقلنس بها، يعتبر أنيقا. ونرى بعض هؤلاء الأنيقين يحتفظون بهذه القلنسوة مدة طويلة دون أن يبدلوها حتى تصبح سوداء من العرق والغبار. أما عن الأحذية، فإن أغنياء القبائل يلبسون مثل الرومان نوعا من الكوثرن مربوط بالجلد، ولقد شاهدت هؤلاء البربر في مناطقهم وفي مدينة الجزائر، شاهدتهم صيفا وشتاء يخلعون ثيابهم ويجعلون منها وسادة عند النوم.
ومن كان له برنس فإنه يغطي به نفسه ويتمدد على حصيرة ان وجدت. وفي الصيف يرقد أغلبهم متفرقين فوق الرمال، وفي الشتاء يشعلون نارا كبيرة بما يحتطبونه من الغابات المتكاثرن ويرقدون جاعلين أرجلهم أمام هذه النار، فينامون هكذا، نوما هادئا. أما غداؤهم فخبز الشعير وزيت الزيتون والتبن المجفف والبلوط. وإلى جانب ذلك فإن الأثرياء أي الذين يملكون عنزتين أو ثلاثا، يشربون الحليب. وهناك، أيضا من يملك عددا من المعز والشياه المخصصة للبيع في المدن. والقبائل، عادة، لا يأكلون الأغنام ولا
الدواجن ولا يذبحونها إلا عندما يؤمهم ضيف، لأن قانون الضيافة مقدس عنهم. ويعتبر ذلك اليوم في القبيلة، يوم عيد، يتطاير فيه الأولاد فرحا وتذبح الشاة ثم يطهى اللحم مع الكسكسي وعندما يحضر الطعام يقطع اللحم أطرافا يزن الواحد حوالي رطل (١) ويقدمه صاحب الدار إلى الضيوف على
_________
(١) كان يوجد في الجزائر، قبل الاحتلال، أربعة أنواع من الرطل: الرطل الكبير والرطل الخضاري والرطل العطاري والرطل الفضي، ونعتقد أن الذي يعنينا هنا هو الرطل الخضاري ويساوي بالغرامات: ٦١٤،٣، وعليه فهو أكثر من رطلنا الحالي. أما الرطل الكبير فيزن بالغرامات ٩٢١،٥ ولذلك أبعدناه.
1 / 24