حسن، ماذا يريد؟ إنني لم أره منذ تعييني في الإسكندرية. وإذا به يسألني: ماذا يجيء بك إلى القاهرة؟
حدجته بدهشة. أجل .. وكان يدرك أن سؤاله سيثير دهشتي .. فقال: لتشفع صداقتنا لصراحتي، يقولون إنك تجيء من أجل مدام فوزي.
لم أنزعج الانزعاج الذي توقعه. فقد ساورتنا - أنا ودرية - الشكوك من قبل، فقلت بفتور: إنها في حاجة إلى صديق كما تعلم. - وأعلم أيضا ...
فقاطعته باستهانة: وتعلم أنني أحبها من قديم!
فتساءل بإشفاق: وفوزي؟! - إنه أعظم مما يظن الآخرون.
فقال بضيق: إني - كصديق - غير سعيد بما يقال. - حدثني عما يقال.
ولكنه سكت .. فقلت بعصبية: إنني جاسوس، إنني هربت في الوقت المناسب، ثم تسللت إلى بيت الصديق القديم! - لم أقصد إلا ... - وأنت تصدق ذلك؟ - لا .. لا .. ولن أسامحك إذا توهمت ذلك. •••
تساءلت في طريق عودتي إلى الإسكندرية: هل أستحق نعمة الحياة؟ إني أبحث عن حل لمتناقضات شتى، حل عسير فيما يبدو. فلم لا يكون الموت هو الحل الأخير؟ وأردت أن أجلس بعض الوقت في التريانون، ولكنني لمحت في الخارج سرحان البحيري وحسني علام جالسين يتحادثان فعافتهما نفسي وعدلت عن الدخول. كانت سحب متقاربة الألوان تركض بسرعة ملحوظة وهي دانية، والهواء يهب في دفعات منعشة. سرت والكورنيش متحديا وقد ارتفع الماء وتطاير رشاشه إلى الطريق. وقلت لو أنني كنت أملك أشياء ثمينة لحطمتها. وقلت إن التوازن لن يرجع إلى الأشياء إلا بزلزال شامل.
وجاءتني زهرة بالشاي. قالت لي باعتداد الواثق من اهتمامي بشئونها: جاء أهلي ليأخذوني ولكنني رفضت.
ورغم فتور مشاعري عامة فإن اهتمامي بزهرة لم يمت، فقلت لها: أحسنت! - حتى الرجل الطيب، عامر بك، نصحني بالرجوع إلى القرية. - إنه يخاف عليك، هذا كل ما هنالك.
صفحة غير معروفة