مالت نحوي حتى لثمت منكبي ثم عضت على شفتها لتمنع الدموع. مددت يدي المعروقة المدبوغة حتى مسحت بحنان شعرها الأسود وتمتمت: ليحفظك الله يا زهرة! •••
لزمت حجرتي تلك الليلة مذعنا لإحساس شامل بالإعياء، وأقعدني التعب بضعة أيام أخر. وجعلت المدام تحثني على مقاومة الضعف لأشهد ليلة رأس السنة الجديدة. وفي سياق ذلك سألتني: نقضيها في المونسنيير كما يقترح طلبة بك أم نقضيها هنا؟
غمغمت في فتور: هنا أفضل يا عزيزتي.
كم احتفلت بها في صولت وجروبي وألف ليلة وحديقة لبتون. وقد مرت بي عاما وأنا معتقل في سجن القلعة الحربي. •••
وفي صباح اليوم الثالث لاعتكافي اقتحمت المدام غرفتي في غاية من الانزعاج ثم قالت لاهثة: أما سمعت بالخبر؟
ثم وهي تغوص في المقعد الكبير: قتل سرحان البحيري!
هتفت: هه! - وجد قتيلا في طريق البالما!
ولحق بها طلبة مرزوق قابضا بعصبية على الجريدة وهو يقول: خبر مزعج جدا، وقد يجر علينا متاعب لم تكن في الحسبان!
وجعلنا نتبادل النظر والرأي دون جدوى. استعرضنا كافة الاحتمالات، فكرنا في خطيبته الأولى، حسني علام، منصور باهي، محمود أبو العباس، وحتى قالت المدام: قد يكون القاتل شخصا آخر لا يخطر لنا ببال.
فقلت: لم لا، نحن لا نكاد نعرف عن الشاب شيئا، لا عن حياته ولا علاقاته ولا ظروفه.
صفحة غير معروفة