منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق
الناشر
دار الكتاب الإسلامي
رقم الإصدار
الثانية - بدون تاريخ
تصانيف
[منحة الخالق]
(قوله: فثبت بهذه النقول إلخ) أي ثبت أن المذهب عندنا عدم التقدير بشيء. هذا وفي الهداية الغدير العظيم الذي لا يتحرك أحد طرفيه بتحريك الطرف الآخر ثم إن المروي عن أبي حنيفة أنه كان يعتبر التحريك بالاغتسال، وهو قول أبي يوسف وعنه التحريك باليد وعن محمد بالتوضؤ وبعضهم قدروا بالمساحة عشرا في عشر بذراع الكرباس توسعة للأمر على الناس وعليه الفتوى اه.
ومثله في السراج ثم قال وصحح في الوجيز قول محمد وقال في معراج الدراية: وتفسير الخلوص في ظاهر المذهب أنه لو حرك جانب يتحرك الجانب الآخر فيكون صغيرا، وإلا كان كبيرا.
وفي الشرح للزيلعي اعلم أن أصحابنا اختلفوا في هذه المسألة فمنهم من يعتبر بالتحريك ومنهم من يعتبر بالمساحة وظاهر المذهب أن يعتبر بالتحريك، وهو قول المتقدمين حتى قال في البدائع وفي المحيط اتفقت الرواية عن أصحابنا المتقدمين أنه يعتبر بالتحريك، وهو أن يرتفع وينخفض من ساعته لا بعد المكث ولا يعتبر أصل الحركة؛ لأن الماء لا يخلو عنه؛ لأنه متحرك بطبعه ثم اختلف كل واحد من الفريقين في التقدير فأما من قال بالمساحة فمنهم من اعتبر عشرا في عشر ومنهم من اعتبر ثمانيا في ثمان ومنهم اثني عشر في اثني عشر ومنهم خمسة عشر في خمسة عشر، وأما من اعتبر بالتحريك فمنهم من اعتبر بالاغتسال رواه أبو يوسف عن أبي حنيفة.
وروي عن محمد بالتوضؤ وروي عن أبي يوسف باليد من غير اغتسال ولا وضوء وروي عن محمد بغمس الرجل وقيل يلقى فيه قدر النجاسة من الصبغ فموضع لم يصل إليه الصبغ لم يتنجس وقيل يعتبر بالتكدر وظاهر الرواية عن أبي حنيفة أنه يعتبر أكبر رأي المبتلى به اه ملخصا.
وفي التتارخانية واتفقت الروايات عن أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد في الكتب المشهورة أن الخلوص يعتبر بالتحريك والمتأخرون اعتبروه بشيء آخر فقيل بوصول الكدرة إلى الجانب الآخر وقيل بالصبغ وقيل بعشر في عشر إلخ ومثله في غير كتاب فأنت ترى أنهم نقلوا ظاهر الرواية اعتبار الخلوص بغلبة الظن بلا تقدير بشيء ثم نقلوا ظاهر الرواية اعتباره بالتحريك وبين النقلين منافاة في الظاهر؛ لأن غلبة الظن أمر باطني يختلف باختلاف الظانين والتحريك أمر حسي ظاهر لا يختلف ولعل التوفيق أنه يعتبر غلبة الظن بأنه لو حرك لوصل إذا لم يوجد التحريك بالفعل فليتأمل.
ولم أر من تكلم على هذا البحث ثم حيث علمت أن اعتبار التحريك منقول عن أئمتنا الثلاثة في ظاهر الرواية عنهم يظهر لك أن اعتبار العشر في العشر ليس خارجا عن المذهب بالكلية بناء على أن ذلك القدر لا تختلف الآراء في عدم خلوص النجاسة فيه إلى جانبه الآخر فقدروا به لئلا يقع من لا رأي له أو من غلبت عليه الوسوسة في تنجيسه أو تنجيس أعظم منه، وأما اختلافهم في أنه يعتبر فيه ثمان في ثمان أو خمسة عشر في خمسة عشر فالظاهر أنه مبني على الاختلاف في المراد من الحركة هل هي حركة اليد أو حركة الاغتسال أو حركة الوضوء، وهذه الحركة هي المتوسطة؛ ولذا رجحوها واعتبروا لها عشرا في عشر
صفحة ٧٩