يوضحه قوله: والخوارج هم كما في البخاري ومسلم وغيرهما من سائر كتب الحديث أناس عمدوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين.
فهذا كلام غبي غوي لا يدري الصناعة ولا يعرف ما في تلك البضاعة، فإن هذا اللفظ ليس مرفوعًا باتفاق، وليس في سائر كتب الحديث والسنن الأربعة وصحيحي البخاري ومسلم، ليس فيها هذا اللفظ، فكلامه كلام جاهل بصناعة الحديث وروايته ولسنا بصدد بيان جهله وإفلاسه من العلوم، وإنما المراد كشف شبهه وردها.
وحاصل مقصوده ونقله: تشبيه أهل الإسلام والتوحيد بالخوارج في تكفيرهم من عبد الأنبياء والأولياء والصالحين، ودعاهم مع الله؛ لأن عباد القبور عنده أهل سنة وجماعة، وأهل الإسلام من جنس الخوارج الذين يكفرون أهل القبلة، هذا حاصل إسهابه ومضمون خطابه، لكنه أطال بما لا طائل تحته.
ونحن نتكلم على بدء أمر الخوارج وحقيقة مذهبهم، ثم نتكلم على مذهب عباد القبور وما هم عليه، ثم نتبع ذلك بفصل نافع في بيان حال الشيخ محمد ﵀ وتقرير مذهبه، وما كان عليه في المعتقد والدين، ليعلم الواقف على ما قررناه حقيقة المذاهب، وحاصل العقائد، فيما وقعت فيه الخصومة فنقول:
اعلم أنه لما اشتد القتال يوم صفين قال عمرو بن العاص لمعاوية بن أبي سفيان: هل لك في أمر أعرضه عليك، لا يزيدنا إلا اجتماعًا ولا يزيدهم إلا فرقة؟ قال: نعم، قال: نرفع المصاحف، ثم نقول لما فيها: هذا حكم بيننا وبينكم، فإن أبى بعضهم أن يقبلها وجدت فيهم من يقول: ينبغي لنا أن نقبها، فتكون فرقة فيهم، فإن قبلوا رفعنا القتال عنا إلى أجل، فرفعوا المصاحف بالرماح، وقالوا: هذا كتاب الله ﷿ بيننا وبينكم. من لثغور
1 / 37