ومنها الخبر الزائد على الخبر الناقص وهو: إذا ورد خبر عن النبي (- صلى الله عليه وسلم -) من وجه، وروي ذلك الخبر- أيضا- من وجه آخر، وأحد الخبرين- فيه زيادة لفظ- استعمل الزائد من الخبرين، لأن ففيه فائدة لم تذكر في الخبر الآخر، ولم يوردها الرواى الثاني معه، لما قد يجوز أن يكون أحدهما شاهد القصة إلي الموضع الذي أخبر به، والأخر مشاهد القصة إلي آخرها، فيسمع مالا يسمع الآخر، ويشاهد مالم يشاهده الآخر، فلذلك وجب استعمال الزائد من الأخبار.
ومنها أخبار المعارضة، وهو مثل: أن يروي عن النبي (- صلى الله عليه وسلم -) خبرا بإباحة شيء، ويروي خبرا آخر بحظر ذلك، فيوقفان جميعا، وبنظر المتقدم من المتأخر بالتاريخ، ليعلم الناسخ من المنسوخ نحو: ما روي عن النبي (- صلى الله عليه وسلم -) أنه سنها في صلاته، فسجد قبل التسليم (1)، وروي: أنه سجد بعد التسليم، فاختلف الناس في الناسخ منها من المنسوخ، والمتقدم منها من المتأخر.
ومنها الخاص والعام من الأخبار، وهو مثل: قول النبي (2) (- صلى الله عليه وسلم -) حيث ما أدركتك الصلاة.
فصل:
فهذا عموم يوجب جواز الصلاة في كل موضع، وروي (3)،عنه (- صلى الله عليه وسلم -) أنه نهي عن الصلاة في المقبرة، والمنحرة، والمزبلة، والحمام، وقارعة الطريق، ومعاطن الإبل .
فكأن هذا الخبر خص بعض ما اشتمل عليه عموم الخبر الآخر، والخاص يعترض علي العام، ولا يعترض العام علي الخاص، وكذلك الخبر المفسر يقضي عن المجمل، ولا يقضي المجمل علي المفسر.
صفحة ٥٥