قيل لأبي سعيد (رحمه الله): ما أفضل للمتعلم؛ إذا قام بما يجب عليه، أن يتعلم علم الأصول في الدين، أو يتعلم الحلال والحرام، ومسائل الأحكام؟ قال: لا أحب أن يتعرى من أخذ ذلك؛ إن أمكنه أن يأخذ من كل فن شيئا؛ لحاجة الناس في هذا الزمان لذلك، وإن كان لا يمكنه ذلك، ولابد له من الانفراد بشيء من ذلك؛ فالأصول أوجب؛ إلا أن يكون في موضع الحاجة إليه من أهل زمانه أكثر في علم الظواهر كان تعليم ذلك أولي؛ على اعتقاد معونة أهل الحاجة إليه بما أمكنه، وبلغ إليه طوله.
ويكون اعتقاد المتعلم للعلم لوجه الله تعالي، وابتغاء مرضاته، واستعدادا لما يعنيه من تأدية فرائضه، واجتناب محارمه؛ قيل أن يعنيه، ولما يلزمه قبل أن يلزمه؛ لئلا يترك طاعة بجهل، ولا يدخل في محجور بعلم، ولإرشاد من قدر على إرشاده، وتعلم من قدر على تعليمه.
وقيل: سئل رسول الله (صلي الله عليه وسلم) عن العلم فقال: العلم كله القرآن، وهو الأصل، والتنزيل، وما بعده من العلم تفسير له وتأويل. وقال على بن أبي طالب: كفي بالعلم شرفا أن كل أحد يدعيه، وإن لم يكن من أهله، وكفي بالجهل خزيا أن كل أحد يتبرأ منه، وإن كان به موسوما، وقليل العلم خير من كثير العبادة، والملوك حكام على الناس، والعلم حاكم علي الملوك.
وقيل لبعض الحكماء: لم لا يجتمع العلم والمال؟ قال: لعز الكمال، وقيل: خير سليمان بن داود (عليه السلام) بين العلم والمال؛ فاختار العلم؛ فأعطاه الله الملك والعلم والمال، لاختياره والعلم، وقيل إن المتعبد بلا علم كالحمار في الطاحونة !!.
وقيل إن أعمال البر كلها عند الجهاد في سبيل الله كتفلة في بحر، وأعمال البر كلها، والجهاد في سبيل الله عند الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر كتفلة في بحر لجي، وكل ذلك عند طلب العلم كتفلة في بحر.
صفحة ٢٤