وقد جعلوا للشيء الواحد أسماء كثيرة: كالأسد، والفرس، والسيف، والخمر، وغير ذلك مما يكثر وصفه ويطول ذكره، وقد سموا بالاسم الواحد أشياء كثيرة، وسموا بالاسم الواحد شيئا وخلافه؛ كالأقراء ونحوها، وقد كنوا عن الشيء باسم غيره، وأشاروا إلى الشيء بمعني غيره، واستنوا عن الاسم بالإشارة إلى الغير، واكتفوا بالإيماء عن الكلام.
فصل:
وأما ما يجئ لفظه لفظ الأمر، والمراد به الخبر فهو مثل قول الله تعالي: " اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير " ؛ فابتداؤه كالأمر وهو خير قد قرن بوعيد، وكذلك قول (1) النبي (صلي الله عليه وسلم): "من كذب على كذبة متعمدا؛ فليتبوأ مقعده من النار" فهذا خبر عن جزاء فعل، وقول القائل: "إذا لم تستح فافعل ما شئت"، هو خبر عن جزاء فعل.
وروي(2) أن النبي (صلي الله عليه وسلم) صلي الظهر يوما، فقال لأصحابه: "سلوني ما شئتم، ولا يسألني اليوم أحد منكم عن شيء إلا أخبرته"، فقال الأقرع ابن حابس: يا رسول الله الحج واجب علينا كل عام، فغضب (صلي الله عليه وسلم) حتى احمرت وجنتاه، وقال: "والذي نفسي بيده ! لو قلت: نعم لوجبت، ولو جبت: لم تفعلوا، لو لم تفعلوا لكفرتم؛ ولمن إذا نهتكم عن شيء فانتهوا؛ وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم"؛ ففي هذا الخبر دليل على أن الأمر بالفعل، لا يوجب إلا فعلا واحدا؛ إلا أن تقوم دلالته بتكريره.
فصل:
صفحة ١٨٨