171

منهج الطالبين

تصانيف

والمتشابه: هو الذي لا يعلم المراد به في ظاهر تنزيله، وإنما يرجع في حقيقته ذلك من وجوه التأويل المحكم به، كقوله جل ذكره: " يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله "؛ وقوله: " تجري بأعيننا "، وقوله: " خلقت بيدي "، " عملت أيدينا "، " يضل من يشاء ويهدي من يشاء "، " وطبع على قلوبهم "، و " أزاغ الله قلوبهم "، ويدل على ما قلنا. قوله تعالي: " فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله "، " فأما الذين في قلوبهم زيغ " فهم المبطلون، و [هم] إنما يبتغون ما يتعلقون به، ويرونه حجة لهم إن كانوا متأولين من أهل الملة، ويظنون أن فيه مطعنا إن كانوا ملحدين فيما يحتمل تأويله في ظاهره.

وقيل في قوله تعالي: " هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات " [أي] متقنات مفصلات مبينات. "هن أم الكتاب" أي أصل الذي يعمل عليه في الأحكام، ومجمع للحلال، والحرام، ومرجع لأهل الإسلام، وهو إمام في التوراة، والإنجيل، والقرآن، وفي كل كتاب - يرضي بها أهل كل دين، ولا يختلف فيها أهل كل ملة.

والعرب تسمي كل شيء جامع يكون مرجعا لقوم أما. كما قيل للوح المحفوظ: أم الكتاب، وللفاتحة أم القرآن، ولمكة أم القرى.

وإنما قال: هن أم الكتاب، ولم يقل: أمهات الكتب؛ لأن الآيات كلها ي تكاملها، واجتماعها: كالآية الواحدة، وكلام الله الواحد، وقيل معناه: كل آية منهن أم الكتاب، كما قال: " وجعلنا ابن مريم وأمه آية " أي: كل واحد منهما آية.

" وأخر متشابهات " أي: يشبه بعضه بعضا، واختلف العلماء في المحكم المتشابه.

صفحة ١٧٤