كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
تصانيف
وقال أصحابنا: نعلم ذلك بأدنى تأمل، وهو أنه لو لم يكن هناك مخصص لما كان أحدهما ثان يقع أولى من أن يقع ضده.
/52/ وأما الأصل الرابع وهو أن ذلك الأمر ليس إلا وجود معنى، فلنفرض الكلام في واحد من هذه الصفات، وهي أن ذلك الأمر كونه مجتمعا، فنقول: إما أن يكون مجتمعا لذاته أو لما هو عليه في ذاته أو لوجوده أو بحدوثه أو لحدوثه على وجه أو لعدمه أو لعدم معنى أو بالفاعل أو لوجود معنى.
وهذه الأقسام هي التي يشتبه الحال فيها وكلها باطلة إلا الأخير.
أما الأولان فباطلان لما تقدم من أنها حاصلة مع الجواز.
وأما الثالث فباطل بما تقدم من أن الوجود مع الاجتماع كهوية مع عدمه ومع ثبوت ضده، وذلك دليل على أنه لا تأثير له وإلا لم يكن الوجود بأن يؤثر في كونه مجتمعا أولى من كونه مفترقا، فكان يلزم حصوله على صفتين ضدين، وكان يلزم في جميع الأجسام أن يكون مجتمعه لاشتراكها في الوجود، ويلزم أن تستمر هذه الصفة ما استمر الوجود، والرابع باطل بما بطل به الثالث، ويلزم أن لا تحدد له هذه الصفة حالة البقاء.
وبهذا الأخير يبطل الخامس وبأنه لا وجه يشار إليه بكون الجسم مجتمعا لحدوثه عليه.
والسادس باطل؛ لأن المصحح لهذه الصفة هو التحيز، وهو مشروط بالوجود، ولأن عدمه ليس ثان يؤثر في كونه مجتمعا أولى من ضدها بل ليس بأن يوجب الكائنية أولى من غيرها من الصفات.
والسابع باطل؛ لأن المعنى المعدوم لا يختص رأسا، ولو اختص فليس بأن يختص ببعض الأجسام أولى من بعض، ولا بأن يوجب بعض الصفات أولى من بعض؛ ولأن هذه الصفة تقف على اختيارنا بخلاف المعنى المعدوم ولأن في العدم افتراقا كما أن فيه اجتماعا. والذي يشتبه من هذه الأقسام أن يكون مجتمعا بالفاعل كما يقوله أبو الحسين وأصحابه. والذي يدل على إبطاله وجوه:
صفحة ٧٩