نعم، قد قام بنصرة هذا الدين فريق من ذوي البصائر وأهل التحقيق، اعتمدوا فيه على الحق الواضح، وسلكوا منهاج السلف الصالح، بهم حرس الله معالم الحق، وجعلهم في أرضه حجة على الخلق، ليس يحول الشبهات بينهم وبين الصواب ولا ينخدعون بلوامع السراب، فهم أقطاب الدين وعليهم بدور لؤلئية، وإليهم ينتمي الحق، وفي سمائهم يطلع كوكبه، أولئك آل المصطفى وشيوخ الأعتزال، النافون عن علوم الديانة كل تحريف وانتحال، فجزاهم الله عن هداية خلقه أفضل ما جزى القائمين بحقه، وبلغهم آمالهم في الخيرات، وضاعف لهم بفضله الحسنات، ثم أنه بعثني على جمع هذا الكتاب التقرب إلى الله وطلب الثواب، فجمعته على وفق ما جمعه الأولون /3/ الذين يهدون بالحق وبه يعدلون، متبركا بذكر ما أصلوه لا طلبا لتحصيل شيء أهملوه، واقتداء بقويم هداهم لا طمعا في بلوغ مداهم، ورجوعا في طلب الحق إليهم لا استدراكا في مسائل عليهم، وتمسكا بهديهم القويم لا اعتراضا في سبيلهم المستقيم، وتكثيرا لسوادهم لا من قلة، ونصره لمذهبهم لا بعد ذلة، فمثل ذلك غدت في أبها الصاحب وللناس فيما يعشقون مذاهب. عصمنا الله بفضله وبرحمته، وجعلنا ممن يعرفه حق معرفته، إن ذلك على الله يسير، وهو على كل شيء قدير.
صفحة ٥