كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
تصانيف
يوضحهه أنهم يطلبون الفاعل طلب المضطر إلى أنه فعل ويعجبون الناس من كونه فعل، قال: بل هذا العلم حاصل للصبيان المراهقين، قال: والمجبرة يعلمون ذلك، ولكن جحده علمائهم ميلا إلى الهوى وتعصبا للأسلاف وطلبا للرئاسة وتقربا إلى السلطان، وليست شبههم أكثر ولا أدق من شبه السوفسطائية ، فلم يدل ذلك إلى أنهم غير جاحدين للضرورة. على أنه يمكن صرف خلاف الجميع إلى أنهم علموا ولم يعلموا أنهم علموا، فإنه لا يمتنع أن يطري شبهة في العلم بالعلم لا في العلم نفسه. يزيده وضوحا أنك إذا حكيت مذهبهم هذا لعوامهم الذين لا يعرفون كيفية أقوالهم لأنكروه ولنزهوهم عن هذه المقالة، بل نجد علماءهم معتزلة في المعاملات فلا يذمون إلا من ظلمهم ولا يحمدون إلا من أحسن إليهم حتى لو رميت أحد منهم بحجر فشجه لذمك ولم يذم، ولم يذم الحجر ولوثب إليك وثبة مضطر إلى أنك الذي /187/ جرحته، ولو أخذت عليه دانقا لما سهل فيه ولخصك من بين الناس بطلبه.
وبالجملة فلو جمعت أهل الجبر في صعيد واحد ثم رأوا رجلا يقتل آخر أو يأخذ ماله واستشهدهم بعض الحكام لشهدوا أنه قاتله، ولما خالجتهم شبهة في ذلك ولو كان الحق ما ذهبوا إليه لكانت شهادتهم بذلك زائرة. وأما ما قاله الرازي في كتبه من أنه شديد التعجب من أبي الحسين حيث جميع بين هذا القول وهو غلو في الاعتزال وبين قوله إن الفعل موقوف على الداعي، وهو غلو في الجبر.
فيمكن الجواب عليه بأن الفعل وإن كان لا يقع إلا لداع فليس الداعي موجبا للفعل فلا يلزمه الجبر.
صفحة ٢٨٥