كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
تصانيف
وإن قيد السائل كلامه بما يحيل كلا الوصفين عند ذلك التقدير صح الامتناع من الجواب بأحدهما لفظا ومعنى، وعاد على ذلك التقدير والقيد بالنقض كأن يقول: لو وقع الظلم من حكيم هل كان يدل على الجهل والحاجة أم لا، فيكون لنا أن نقول لا يدل ولا لا يدل لأن قولك في السؤال حكيم يحيل الجهل والحاجة؛ لأن معهما لا يكون حكيما وأنت فرضته في السؤال حكما، وقولك وقوع الظلم يمنع قولنا لا يدل؛ لأن كل ظلم يدل على جهل فاعله وحاجته فصار الحال في هذا كالحال في قول القائل لو قدرنا اجتماع الضدين في المحل هل كانا يتنافيان أم لا، فإنا نقول لهذا السائل: لا يصح القول بأنهما يتنافيان؛ لأنه يعود على تقدير اجتماعهما في المحل بالنقض وأنت فرضتهما مجتمعين، ولا يصح القول بأنهما لا يتنافيان؛ لأنه يعود على كونهما ضدين بالنقض، وأنت فرضتهما ضدين، فكل سؤال هذا حاله فإنه يعود على التقدير والقيد بالنقض وإذا زال التقدير والقيد زال الإشكال من أصله. وهذا أقصى ما يمكن ذكره في هذه المسألة، وإن كان بعض شيوخنا قد ذكر أن قووع الظلم من جهته تعالى لا يدل على الجهل والحاجة قال: لأن شر دلالته على ذلك أن يصح الجهل والحاجة على فاعله ويلزمه أن لا يجد دليلا على أن الله لا يفعل القيبح. ومتى قال إنه حكيم وصوارفه متوفرة. قيل له: إذا كانت الحكمة والصوارف تصرف عن القبيح لا محالة كان وقوعه دليلا على زوال تلك الصوارف، فيلزم دلالته على الجهل عن القبيح لا محالة كان وقوعه دليلا على زوال تلك الصوراف، فيلزم دلالته على الجهل والحاجة.
شبهة: قال النظام والأسواري: العلم في الأصل دلالة على الجهل والحاجة كما أن الخبر الصدق بالجهل والحاجة دليل على ذلك، فإذا قدر تعالى على الظلم وجب أن يقدر على خبر صدق بأنه جاهل محتاج.
صفحة ٢٧٥