كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
تصانيف
ووجه ثالث وهو أن يكونوا عالمين بذلك ضرورة ولا يعلمون أنهم عالمون به لما قد نمقوه من أساطيرهم واعتقدوه من خيالاتهم على مثل ما نصرف إليه خلاف السوفسطائية وقد استدل سائر الشيوخ بأن صحة الرؤية ووقوعها ينتفي بانتفاء المقابلة أو ما في حكمها وبين قولنا وثبتت بثبوتها، فدل ذلك على أنها شرط، وهذا رجوع إلى قول أبي الحسين؛ لأنه لا بد أن يكون علمنا بانتفاء صحة الرؤية عند انتفاء المقابلة أو ما في حكمها وبين قولنا أنا لا نرى إلا ما كان كذلك، إذا ثبت هذا فقد اعترض المخالفون هذا الدليل باعتراضات: الأول المعارضة بالعلم، قالوا: فإذا جاز أن نعلم ما ليس بمقابل ولا حال في المقابل ولا حال في المقابل ولا في حكمه جاز أن نراه، وهذا عي ومهازلة، ولو جاز أن تقاس رؤية القديم على العلم به لجاز مثله في المعدوم فيقال إذا صح أن يعلم المعدوم وهو ليس بمقابل ولا حال في المقابل ولا في حكمه جاز أن نراه، كذلك إذا خلق الله فينا إدراكه.
الاعتراض الثاني: إن قالوا إن المقابلة وما في حكمها إنما هي شرط في رؤية المحدثات فكيف يكون شرطا في رؤيته تعالى.
والجواب: أنا قد بينا أن العقول تحيل رؤية لا بمقابلة ولا نحوها، فقد جوز رؤية الباري تعالى لزمه تجويز المقابلة أو ما في حكمها ومن أحال ذلك فقد أحال الرؤية ولا يجوز في العقل انفصال أحدهما عن الآخر، ومن فصل بينهما عددناه مكابرا.
وقلنا له: ما أنكرت أن يكون الله تعالى جسما متحيزا لا في جهة؛ لأن الجهة إنا تجوز على المحدثات.
صفحة ٢٢٣