كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
تصانيف
دليل: لو كان تعالى مريدا لذاته أو لمعنى قديم لاستحال خروجه عن هذه الصفة ككونه عالما وقادرا ومعلوم خلافه لا سيما على مذهب الخصم في أنه لا يريد إلا الواقعات فيريد الإيمان من زيد ما دام يفعله، فإذا كفر أو عجز أو مات خرج الباري عن كونه مريدا له.
دليل: لو كان تعالى مريدا لذاته أو لمعنى قديم لبطل الاختيار في أفعاله تعالى، ولما صح وصفه بالقدرة على إقامة القيامة الآن ولا أن يجعل لزيد رأسين ونحو ذلك من التقديم والتأخير والزيادة والنقصان؛ لأن الإرادة القديمة لم تعلق بذلك، وما لم تتعلق به الإرادة القديمة استحال أن يقع، وليس لهم أن يقيسوه على العلم؛ لأنا نجوز القدرة على خلاف المعلوم، وهم لا يجوزون تعلق الإرادة بخلاف المعلوم، وهذا يبطل ما قد قامت عليه الدلالة من أنه إن شاء أن يفعل فعل، وقد نطق القرآن بذلك، قال تعالى: {ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك}. يوضحه: أن الشرط لا يدخل إلا في المستقبل ولا بد أن يعترفوا بأنه أراد هذا الشيء مع جواز أن لا يريده..
فصل
وللمخالف شبه في أنه تعالى مريد لذاته أو بإرادة قديمة وأكثرها قد دخل في أثناء الكلام وبقي شبهتان.
إحداهما أن قالوا لو لم يكن مريدا لم يزل لكان قد حصل مريدا بعد إن لم يكن، وذلك تغير كالمحل إذا أسود بعد أن كان أبيض.
والجواب هل أردتم بالتغير أنه حصل على صفة لم تكن عليها فهذا لا يسمى /131/ تغيرا كما تقدم في كونه مدركا بعد إن لم يكن، وفاعلا بعد إن لم يكن ونحو ذلكن وأما قول العرب في الجسم إذا اسود بعد بياض أنه قد تغير فلاعتقادهم أنه صار غير ما كان، وإلا ساء في بديع اعتقاداتهم، وإن أردتم التغير الحقيقي وهو أن ذاته صارت غير ما كانت فما دليلكم عليه.
الشبهة الثانية:
إن قالوا أنه في ما لم يزل غير ساه ولا غافل فيجب أن يكون مريدا.
صفحة ١٩٦