الوجه الثالث:
إن الإمامية جازمون بحصول النجاة لهم ولأئمتهم، قاطعون على ذلك، وبحصول ضدها لغيرهم، وأهل السنة لا يجزمون بذلك لا لهم ولا لغيرهم، فيكون (1) اتباع أولئك أولى، لأنا لو (2) فرضنا - مثلا خروج شخصين من بغداد يريدان الكوفة، فوجدا طريقين سلك كل منهما طريقا، فخرج ثالث يطلب الكوفة، فسأل أحدهما: إلى أين يريد (3)؟ فقال: إلى الكوفة، فقال له: هذا طريقك يوصلك إليها؟ وهل طريقك آمن أم مخوف (4)؟ وهل طريق صاحبك (يؤديه إلى الكوفة؟ وهل هو آمن من أم مخوف؟) (5) فقال: لا أعلم شيئا من ذلك.
ثم سأل صاحبه عن ذلك، فقال: أعلم أن طريقي يوصلني إلى الكوفة، وأنه آمن، وأعلم أن طريق صاحبي لا يؤديه إلى الكوفة وليس بآمن، فإن الثالث إن تابع الأول عده العقلاء سفيها، وإن تابع الثاني نسب (6) إلى الأخذ بالحزم.
الرابع:
إن الإمامية أخذوا مذهبهم عن الأئمة المعصومين، المشهورين بالفضل والعلم والزهد والورع، والاشتغال في كل وقت بالعبادة والدعاء وتلاوة القرآن، والمداومة على ذلك من زمن الطفولية إلى آخر العمر، ومنهم تعلم الناس العلوم (7)، ونزل في حقهم
صفحة ٥٠