شرح النووي على صحيح مسلم
الناشر
دار إحياء التراث العربي
الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٣٩٢
مكان النشر
بيروت
الْمَالِ وَالنَّفْسِ بِمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْبِيرٌ عَنِ الْإِجَابَةِ إِلَى الْإِيمَانِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا مُشْرِكُو الْعَرَبِ وَأَهْلُ الْأَوْثَانِ وَمَنْ لَا يُوَحِّدُ وَهُمْ كَانُوا أَوَّلَ مَنْ دُعِيَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَقُوتِلَ عَلَيْهِ فَأَمَّا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ يُقِرُّ بِالتَّوْحِيدِ فَلَا يُكْتَفَى فِي عِصْمَتِهِ بِقَوْلِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِذْ كَانَ يَقُولُهَا فِي كُفْرِهِ وَهِيَ مِنَ اعْتِقَادِهِ فَلِذَلِكَ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي قُلْتُ وَلَا بُدَّ مَعَ هَذَا مِنَ الْإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَمَا جاء فى الرواية الأخرى لأبى هُرَيْرَةَ هِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْكِتَابِ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيُؤْمِنُوا بِي وَبِمَا جِئْتُ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قُلْتُ اخْتَلَفَ أصحابنا فى قبول توبة الزنديق وهو الَّذِي يُنْكِرُ الشَّرْعَ جُمْلَةً فَذَكَرُوا فِيهِ خَمْسَةَ أَوْجُهٍ لِأَصْحَابِنَا أَصَحُّهَا وَالْأَصْوَبُ مِنْهَا قَبُولُهَا مُطْلَقًا لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمُطْلَقَةِ وَالثَّانِي لَا تُقْبَلُ وَيَتَحَتَّمُ قَتْلُهُ لَكِنَّهُ إِنْ صَدَقَ فِي تَوْبَتِهِ نَفَعَهُ ذَلِكَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالثَّالِثُ إِنْ تَابَ مَرَّةً وَاحِدَةً قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ فَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ لَمْ تُقْبَلْ وَالرَّابِعُ إِنْ أَسْلَمَ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ قُبِلَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ تَحْتَ السَّيْفِ فَلَا وَالْخَامِسُ إِنْ كَانَ دَاعِيًا إِلَى الضَّلَالِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَإِلَّا قُبِلَ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ ﵁ (وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ) ضَبَطْنَا بِوَجْهَيْنِ فَرَقَ وَفَرَّقَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِهَا وَمَعْنَاهُ مَنْ أَطَاعَ فِي الصَّلَاةِ وَجَحَدَ الزَّكَاةَ أَوْ مَنَعَهَا وَفِيهِ جَوَازُ الْحَلِفِ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ وَأَنَّهُ لَيْسَ مَكْرُوهًا إِذَا كَانَ لِحَاجَةٍ مِنْ تَفْخِيمِ أَمْرٍ وَنَحْوِهِ قَوْلُهُ (وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ) هَكَذَا فِي مُسْلِمٍ عِقَالًا وَكَذَا فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ وَفِي بَعْضِهَا عَنَاقًا بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَبِالنُّونِ وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَرَّرَ الْكَلَامَ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ فِي مَرَّةٍ عِقَالًا وَفِي الْأُخْرَى عَنَاقًا فَرُوِيَ عَنْهُ اللَّفْظَانِ فَأَمَّا رِوَايَةُ الْعَنَاقِ فَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَتِ الْغَنَمُ صغارا كلها بأن ماتت أماتها فى بعض الحول فاذا حال حول الأمات زكى السخال الصغار بحول الأمات سواء بقى من الأمات شيء
1 / 207